سلمان السعيد

سلمان السعيد
سلمان السعيد للإستشارات والدراسات

السبت، 28 ديسمبر 2013

"الفوزان" يطالب بإعلان مخصّصات الأسرة المالكة ويقول "الملك غير راضٍ"

قال: وزارة المالية سبب تعثر البلد .. و"العربية" قطعت اتصالي

"الفوزان" يطالب بإعلان مخصّصات الأسرة المالكة ويقول "الملك غير راضٍ"

"الفوزان" يطالب بإعلان مخصّصات الأسرة المالكة ويقول "الملك غير راضٍ"















عبد الإله القحطاني ـ سبق ـ الرياض: اعتبر المحلل الاقتصادي راشد الفوزان، أن من المُفترض إعلان مخصّصات الأسرة المالكة ضمن الميزانية منعاً للتأول، وقال الفوزان: إنه لا يتوقع إصدار قرار فرض رسومٍ على الأراضي البيضاء؛ لأنه يصعب تنفيذه على بعض الأمراء ورجال الأعمال ممَّن يملكون عشرات الكيلو مترات.
وقال الفوزان في لقائه ببرنامج "لقاء الجمعة" مع عبد الله المديفر: إن ميزانية العام الحالي المعلنة أخيراً لم تتغير عن نمط الميزانيات السابقة، وقال "هناك فجوة كبيرة ما بين خطط التنمية والميزانية، بمعنى أن خطط التنمية في وادٍ والميزانية في وادٍ آخر".
وأضاف "هناك فشل في الإدارة الحكومية في تنويع مصادر الدخل، نحن لدينا المال والفكر والناس، لكن ينقصنا التخطيط والإدارة الصحيحة"، واعتبر الفوزان أن وزارة المالية هي "لبّ المشكلة في البلد وتعثرها بسبب الإجراءات الحكومية المعقدة والبيروقراطية والفساد".
وركّز الفوزان على تصريح الملك بعد إعلان الميزانية، وقال إن الملك كرّر عدداً من الكلمات مثل "أرجوكم"، واعتبر الفوزان أن كلمة الملك تدل على أنه غير راضٍ عن منجزات الوزراء والمسؤولين.
ونفى الفوزان أن يكون قد أدار أموال أحد هوامير سوق الأسهم، وقال "أنا من بيت تاجر ولست بحاجة إلى العمل عند أحد، ومَن يثبت أني أدرت أيَّ مالٍ أو محفظةٍ أو أعطيته نصيحةً، له مني 100 ألف ريال".
وكشف الفوزان أنه حين انتقد هيئة سوق المال عام 2004 في قناة "العربية" قُطع الاتصال مباشرةً، وقال "لكني لست ممنوعاً من الظهور فيها"، وختم الفوزان حديثه خلال اللقاء بقوله "والله إني لا أطمح إلى منصبٍ حكومي وراضٍ بعملي وتجارتي وبيتي".



إما زوج يستاهل وإلاّ أجلس في بيت أهلي

هناك من قدم تنازلات و«مغامرات عاطفية» ثم جنى «التعاسة» طول العمر

فتيات يفضلن العنوسة.. «إما زوج يستاهل وإلاّ أجلس في بيت أهلي»!


فتيات اليوم يبحثن عن الزوج الكفء من دون تقديم تنازلات أو مغامرات غير مجدية
الخبر، تحقيق - عبير البراهيم
    مازالت "مريم" تحتفظ في مخيلتها بصورة الشاب الذي ترغب أن تتزوج به يوماً ما، وأن يكون شريك حياتها وأباًً لأبنائها، مازالت تسقي الزهور التي بداخلها، على الرغم من بلوغها (37) عاماً، وقسوة أسرتها عليها، ووصف أقاربها لها ب "العانس"، وكذلك تعليقات صديقاتها لها أنها ستبقى كالبيت الوقف إذا لم تقرر سريعاً الدخول إلى عالم المتزوجات من أي رجل يطرق باب منزلها!، ولم يثن ذلك النقد وتلك الضغوطات من رؤية "مريم" للحياة الزوجية ولشكل شخصية الرجل الذي ترغب أن يقاسمها بقية حياتها، فهي بالرغم من تقدم عمرها، إلاّ أنها تؤمن أنه لابد أن هناك فرصة ذهبية ستأتي ومعها "رجل" يحمل شيئاً من صفات الزوج الذي ترغب أن تكمل حياتها معه، وتنجب منه الأبناء، فهي لا ترغب بمجرد الزواج والارتباط بأي رجل، حتى إن كان معدوم المميزات لمجرد خوض تجربة الزواج والخلاص من لقب "عانس"، إنما ترغب أن يكون في حياتها زوج حقيقي أو لا يكون، فهي تثق بنفسها وتعلم أن عدم زواجها لا يقلل من شأنها كإنسانه.
لم تكن "مريم" الفتاة الوحيدة التي ترفض أن تدخل "سوق التنزيلات" لمجرد دخولها في سن حرج من عدم الزواج، بل إن هناك فتيات يؤمن بأن الزواج إما أن يبنى على شيء من الأسس حتى ينجح ويعد زواج، أو تبقى الفتاة من دون زواج أفضل، حيث يرون أن كثيرا من الفتيات اللاتي وصفهن المجتمع ب "العوانس"، وقدمن التنازلات في الارتباط بزوج غير مناسب، جنين ثمن ذلك التنازل ب "التعاسة" الدائمة مع زوج غير جدير أصلاً بهن، حتى شقين في الحياة.
فالزواج لديهن حياة حقيقية لابد أن تدفع للسعادة وليس مجرد تجربة لابد أن تخوضها الفتاة، حتى حينما يتقدم لخطبتها رجل غير مناسب لمجرد الخلاص من العنوسة.
"الرياض" تُسلط الضوء على الموضوع وتطرح عدة أسئلة: كيف يفكرن هؤلاء؟، وهل ما يؤمنون به له جانب من الصواب أم أن للمجتمع حكم آخر؟، وهل لابد أن تتنازل الفتاة كثيراً حتى تصل إلى انعدام التكافؤ مع الرجل الخاطب لمجرد الرغبة في دخول عالم المتزوجات؟.
رفضت التدخلات
وصلت "نورة" إلى سن (35) عاماً وهو المرحلة التي تصفها أسرتها بالخطرة، إلاّ أنها مازالت تردد وتقول: "إما أن أتزوج بشكل صح أو أبقى من دون زواج، فهي تعمل معلمة في إحدى المدارس الحكومية، وحياتها الاجتماعية مملوءة، كما أنها تنعم باستقرار أسري في ظل والديها وشقيقاتها، تحب أن تمارس هوايتها التطوعية منتسبة في المراكز النسائية المهتمة بعلوم الدين، وتحب أن تجد وقتاً لزيارة صديقاتها، تصف حياتها بالحياة الهادئة، على الرغم من نظرة المجتمع إليها أنها الفتاة التي فاتها قطار الزواج، أو العانس أحياناً، وعلى الرغم من النصائح المعلبة التي ينصحها بها أشقاؤها الذكور، وبعض صديقاتها في تقديم التنازلات الكبيرة حتى يأتي النصيب والحظ، إلاّ أنها ترفض التدخلات في تحديد مصير حياتها فيما يتعلق بالزواج، ما يثير غضب بعضهم منها، وربما بدت الدهشة على آخرين.
لطيفة: صديقتي تعاني

حياة خاصة
وترى "نورة" أنه من المهم جداًّ أن يكون للفتاة حياتها الاجتماعية الخاصة، وأن تخوض تجربة الزواج وتتحول إلى أم، ولكن الأهم أن لا تدخل في إطار حياة تكون هي فيها الضحية أو الخاسرة الوحيدة، مشيرةً إلى أن كثيرا من صديقاتها تأخرن في سن الزواج ثم بدأن يقدمن التنازلات للخلاص من ضغوطات ونقد المجتمع والأسرة، فهناك من تكون متعلمة ومن أسرة جيدة ولديها مقومات كثيرة، ولكن النصيب لم يأت، فتضطر أن تقبل بأي رجل يطرق بابها لمجرد الخلاص من لقب العنوسة، مؤكدةً أنها ضد ذلك القرار، فالزواج إما أن تبنى له قاعدة من الأساسيات في القبول والتناسب والتكافؤ ولو بقدر بسيط، أو أن لا يكون أبداً، موضحةً أنه تقدم إليها رجل وهو في سن (75) عاماً، أي أكبر من والدها، وحينما سألت عن أسبابه في الزواج، أوضح أنه يرغب في فتاة "تسلِّيه" بعد زواج أبنائه جميعاً وأحفاده وموت زوجته، وليس لديه رغبات سوى أن تعد له الشاي والقهوة وتتحدث معه، لتشعر أن هناك امتهان لقدسية الزواج!.
شعارهن في الحياة: الزواج «حياة حقيقية» وليست «تجربة» للتخلص من نظرة المجتمع

أُفضل عدم الزواج
واتفقت معها "لطيفة محمد" التي مازالت ترى أن هناك فرص جميلة قادمة في الحياة، على الرغم من تأخر مجيئها، فقد وصلت "لطيفة" إلى سن (32) عاماً، ومازالت تصر أن تتزوج برجل يحمل بعضاً من المقومات التي تدفعها للقبول، مبديةً دهشتها من بعض مواقف الأسر التي تصر على الفتاة بالزواج من أي رجل لمجرد الزواج، مستشهدةً بقصة صديقتها التي تقدم لها رجل عاطل عن العمل وليس لديه شهادة علمية، فقد تعلم حتى شهادة الابتدائي، كما أنه سيقيم بعد الزواج في منزل أسرته، فأبوه من سيصرف عليه وعلى زوجته، موضحةً أن صديقتها قبلت بذلك الخاطب لمجرد الرغبة في التخلص من ضغوطات المجتمع، إلاّ أنها بعد زواجها أصبحت تعاني كثيراً، ووصلت حياتها إلى الأسوأ، وبعد أن كانت تحمل هم تأخرها في الزواج فقط، أصبحت تحمل هم مصروفاتها الشخصية وتدبير شؤون حياتها.
ابتسام: «زوجة الأعمى» يضايقني

ليس اختيارياً
وتقاسمهن الرأي "عواطف يوسف" التي وصلت إلى ال (40) ولم تتزوج بعد، لكنها ترفض أن تدخل "سوق التنزيلات" بحسب تعبيرها، حيث ترى أن كل فتاة تحلم بالزواج والاستقرار وإنجاب الأبناء، إلاّ أن ما لا يفهمه الآخرون أن هذا الشيء ليس اختيارياً وإنما مسيرون له الخلق، فعلى الرغم من أنها لا تتمسك بشروط الزوج المميز كأن يكون مثقفا وجميلا وفي منصب مرموق، إلاّ أنها ترى أنه لابد أن يكون هناك حد أدنى من القبول والتناسب، فهناك بعض الحالات لخاطبين تقدموا لها شعرت أن الزواج غير متكافئ، كالرجل الذي اشترط عدم إنجابها للأبناء لأنه متزوج ولديه أبناء ويرغب بمجرد زوجة، وهناك من تقدم لها وهو لا يحمل أي مقومات بسيطة في شكله من القبول، مشيرةً إلى أن الحقيقة أن الفتاة تعيش في منزل أسرتها حياة كريمة ومستقرة، وما ينقصها سوى وجود رجل حقيقي وليس شبه رجل، فالهدف ليس الزواج فقط، بل كيف نأسس لهذه الحياة؟، متمنيةً أن تتغير نظرة المجتمع للفتيات اللاتي يوصفن بالعوانس.
د. العود: الفتاة قد تتنازل كلما تقدم بها العمر في صفات الخاطب!

زوجة الأعمى
وتختلف معهن "ابتسام عبدالله" التي عانت كثيراً من تعليقات أسرتها وصديقاتها ونظرات المجتمع الذي يصفها بالعانس، فقد أنهت دراستها الجامعية وتوظفت في إحدى الشركات، إلاّ أنها لم تحصل على فرصة زواج مناسبة، مبينةً أنه تقدم لها بعض الخاطبين لكنهم لا يحملون الصفات المناسبة، وقد مارست أسرتها عليها كثيرا من الضغوطات حتى قبلت بالزواج من رجل فاقد للبصر، كما أنه يكبرها ب (15) عاماً وقد رضيت بنصيبها، وحاولت أن تعيش مع زوج تتوق كثيراً أن تشعر أنه يراها أو يستطيع أن يتأملها، وأن تخرج معه وتمارس حياتها بشكلها الطبيعي، إلاّ أن ذلك لم يتحقق، موضحةً أنها تخلصت من انتقادات المجتمع لها لوصفها بالعانس، إلاّ أنها دخلت في صفة جديدة أكثر ألماً وهي "زوجة الأعمى"، حتى شعرت أن حياتها دائرة مظلمة، وفقدت رغبتها في كل شيء، وأصبحت ترى نفسها أنها كبرت كثيراً عن السابق.
تنازل بنسبة 50%
وقال "د. ناصر العود" أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود: إن المبدأ الذي ينطلق منه بعض الفتيات في النظرة للزواج التي ترفع شعار إما الزوج المناسب أو العنوسة، فإن ذلك قد يناسب بعض الفتيات، في حين قد لا يناسب الأخريات، إلاّ أن ذلك أصبح يكثر لدى الفتيات اللاتي يحصلن على شهادات علمية عالية، أو لها طبيعة حياة مهنية معينة، فإنها ترغب في الحصول على الزوج المناسب، خاصةً مع التقدم الحاصل في وسائل الاتصال والتقنية والتطور الملحوظ في الوظائف وتطلعات الفتيات، مشيراً إلى أنه من بين نتائج الدراسة التي عملتها إحدى الباحثات في جامعة نورة وهي الباحثة "خلود اليوسف"، أن الفتاة كلما تقدمت في السن تتنازل في شروطها، ليصل ذلك التنازل إلى (50%)، ذاكراً أن هناك من الفتيات من يقدمن التنازل بدافع الأمومة أو المجتمع أو الرغبة في الزواج أو الرغبة في التخلص من ضغوطات الأسرة، إلاّ أن الفتيات غالباً ما يبحثن عن الزوج الذي يحترم المرأة ويعطيها حقوقها ويحترم الأسرة.
نورة: أرفض التدخلات!

قبول ورفض
وأوضح أن الموظفات اللاتي يصلن إلى درجات علمية، غالباً ما يفضلن البقاء من دون زواج، في حال عدم وجود الزوج المناسب؛ لأنهن يخشين أن يتزوجن بزوج يشكل لهن عبئاً في الحياة، أو أن يعوق عملهن، مبيناً أن هناك دراسة أخرى للشباب أجراها الباحث "أحمد المقبل" في جامعة الإمام محمد بن سعود، توصل فيها إلى أن الشاب يفترض كثير من الشروط في الفتاة التي يرغب في الزواج بها، وحينما يقبل على الزواج، فإنه يقدم التنازلات عن تلك الشروط، فقد يغض النظر عن الثقافة أو الجمال وأشياء كثيرة، مؤكداً أن الفتاة قد تتنازل عن الزواج من رجل وسيم أو ثري أو رومانسي، إلاّ أنه من غير المنطقي أن تتزوج ممن لا خلق ولا دين له، وذلك حد أدنى في القبول، مضيفاً أن اختلاف القبول والرفض يتفاوت بين الفتيات، فهناك نساء يرفضن مجرد الزواج في حين يرغب بعض منهن الزواج للحصول على الأمومة، حتى إن كانت من رجل غير مؤهل.
زواج ثم طلاق
وأكد أن هناك حالات لفتيات يفضلن أن يتزوجن وأن يتطلقن أفضل من البقاء في ظل العنوسة، حتى تخرج من دائرة نقد المجتمع، فالقبول بالطلاق أفضل لدى كثيرات من البقاء من دون خوض التجربة، مبيناً أنه من الصعب تغيير ثقافة المجتمع الذي مازال ينتقد الفتاة غير المتزوجة ويصفها بالعانس، خاصةً مع انقطاع العلاقات الاجتماعية، فالأسر لا تتواصل ولا ترى بعض إلاّ بعد أشهر، إلاّ أن مثل هذه النظرة يصعب غيابها عن المجتمع، حيث بدأ يكون هناك شيء من التفهم والقبول لها، وعن الآثار الاجتماعية التي قد تنجم عن الزواج غير المنطقي للفتاة المتأخرة في الزواج، قال "د. العود": إن من أهمها الطلاق الذي يتحمل مسئوليته الأسرة بعد عودة الفتاة مطلقة، كذلك تهرب الفتاة من مسؤولية الأبناء، فالمرأة أصبحت تسأم من القيام بواجباتها الزوجية، كالاهتمام بالبيت والأبناء، فأصبحت تطمح لأن تقاسم الرجل الحرية والخروج والاستمتاع مع الصديقات، حتى أن هناك من الزوجات من أصبحت تحدد عدد الأبناء، حتى تهرب من المسؤولية، حتى وإن عارض الزوج، موضحاً أن الفتاة قد تتنازل كلما تقدم بها العمر في صفات الخاطب، إلاّ أنه في مقابل ذلك أيضاً هناك حالات لنساء تزوجن لرجال أقل مواصفات منهن ونجح الزواج، مشيراً إلى أن القضية هنا تدور حول اختلاف التجارب، فما تقبل به فتاة قد ترفضه أخرى، إلاّ أن التنازل لابد أن لا يشمل الأمور الأخلاقية في الرجل.

رجل «متحفظ» وزوجة «منفتحة»..حياتهما نكد!

أبواب الحوار مغلقة مع شريك «معقد» و«متشدد» و«موسوس»..

رجل «متحفظ» وزوجة «منفتحة»..حياتهما نكد!


فتاة وصديقتها في طريقهما إلى صالة الطعام داخل إحدى المولات
الخبر، تحقيق- عبير البراهيم
    يقال إن الناس في التواصل الإنساني والاجتماعي لا يجتمعون في محيط واحد، إلاّ حينما تجمعهم صفات مشتركة، فنحن لا يمكن أن نصادق إلاّ من نرى فيه شيئاً من مبادئنا وقيمنا، كما أننا لا يمكن أن نقترب إلاّ ممن نجد لديه بعضاً من ذواتنا، في حين نهرب كثيراً من المخالفين لنا في الحياة، حتى وإن تواصلنا معهم، فذلك التواصل يبقى في الحدود الضيقة التي تمكننا من إنجاز أعمالنا العامة.
ذلك أمر مسلم به في محيط التواصل الإنساني.. ولكن أن يطال الاختلاف الفكري والقيمي العلاقة الزوجية؛ فذلك من أصعب ما يمكن أن يقابله المرء في الحياة، فمن السهل أن تقبل اختلافات الآخرين، في حين من الصعب تقبل اختلافات الشريكين، ممن يتقاسمون جميع تفاصيل الحياة، ويؤسسون لهما حياة مشتركة، وربما تحوّل هذان الشريكان إلى والدين لطفل واحد..فهل جربت أن تشعر يوماً أن شريكك في الحياة في دائرة مغلقة من الاختلاف القيمي والفكري وربما السلوكي؟.
الانفتاح والانغلاق
إنّ الاختلاف بين الناس شيء وارد.. ولكن - أعتقد - أنه من الصعب أن تجد نفسك مختلفاً مع شريكك في الحياة في قضية "الانفتاح والانغلاق" في التحفظ وفي ألاّ تحفظ.. يحدث ذلك حينما يتزوج رجل متحفظ في تعاطيه مع الأشياء بامرأة منفتحة تحب أن تعيش الأمور بطبيعتها، وربما الخلفية البيئية التي جاءت منها تدعم ذلك السلوك لديها، وقد يحدث العكس..فكيف من الممكن حل ذلك الاختلاف الجذري بين طرفين؟، وهل ذلك النوع من الاختلاف القيمي والسلوكي من الممكن اكتشافه قبل الزواج؟، وكيف من الممكن أن يجتمع الطرفان في دائرة واحدة من خلال اختلافاتهما تلك؟.
يرى البعض أنه من الصعب أن يستمر الزواج بشكله الطبيعي والآمن بين زوج حريص ومتحفظ وبين زوجة منفتحة أو أسرتها تدعم ذلك الانفتاح، فيقع الطرفان بين شد وجذب لقراراتهما في الحياة، إلاّ أنّ البعض الآخر يجد أن الاختلاف وارد بين الزوجين، فهما شخصان من بيئات مختلفة وعليهما أن يستوعبا ذلك الاختلاف ويتجاوزانه بكل الوسائل.

الاختلاف يدفع للطلاق
يقول "جمعة خالد": تزوجت بامرأة مع مرور الوقت اكتشفت أنّ الحياة معها صعبة جداً، فأنا رجل أحب أن أعطي الحرية في الحياة لزوجتي، ولكنها الحرية المحددة بضوابط معينة، فلا مانع لدي من خروجها لتبادل الزيارات مع صديقاتها، كما أنني تركت لها أن تختار مساحة العمل الذي تحب أن تمارسه، وأعطيتها الحرية في الذهاب إلى بيت أسرتها دون شروط أو ضوابط أو حتى تحديد للوقت، لكنني مع مرور الوقت اكتشفت أن زوجتي تختلف عني في الرؤية للأمور، فما أجده خطأ أن تفعله المرأة تراه -هي- أمرًا طبيعياً، فبدأت زوجتي تطلب الكثير من المساحة المتاحة لها، طلبت ذات يوم أن تقيم لليلتين خارج البيت مع صديقاتها في ذات المنطقة؛ معللة بأن أسرتها كانت تسمح لها بذلك، وقد رفضت بشدة حتى أحدث ذلك خلافاً كبيراً، ثم لاحظت عليها أنها ترتدي ثياباً غير لائقة في الأماكن العامة، وكذلك العباءة التي ترتديها وحينما بدأت في نقاشها "دخلنا في شجار طويل"، كما أنها تربي طفلتنا بطريقة لا أحبها من الانفتاح غير المسؤول، وحينما طلبت منها أن تتعاطى مع الطفلة كما أحب أن تربيها غضبت، حتى وصل الأمر إلى أنها طلبت ذات يوم أن تسافر في رحلة سياحة مع صديقاتها خارج البلد فدب شجار كبير على أثره؛ لجأت إلى أسرتها التي تصرفت معي كما لوكنت جاهلاً، حتى انتهت الحياة بالطلاق، موضحا "جمعة" أنّ جميع الاختلافات بين الزوجين من الممكن أن يتجاوزاها إلاّ أن ذلك الاختلاف صعب جداً أن ينتهي، مضيفاً: على الرجل أن يفكر قبل اتخاذه قرار الزواج، أي صنف من النساء يرغب بالزواج به، حتى يتعرف على شكل الحياة التي سيعيشها مع تلك الزوجة قبل أن يتزوج، مبدياً ضرورة التوافق الاجتماعي والبيئي بين الزوجين حتى من حيث قدر المحافظة من عدمها حتى لاتحدث الخلافات بعد ذلك.
الاختيار والتوافق
أما "روابي سعد" فقد عاشت تجربة مختلفة، حيث تزوجت برجل يجد أن كل الأمور من الممكن التعاطي معها دون عُقد أو ضوابط - ذلك ماكان يعبر به - ف"روابي" سيدة محافظة جداً، تحب أن تحتفظ بزينتها داخل بيتها في حين يطلب منها زوجها دائماً التأنق بشكل لافت في الأماكن العامة حتى يتباهى بأنه برفقته سيدة جميلة، وعلى الرغم من أن ذلك الخلاف لم يصل إلى حدود الإشكالية التي تدفع إلى الطلاق كما في قصة -جمعة- إلاّ أنها ترى بأنها في حالة انزعاج دائم، فزوجها لا يعنيه ما ترتدي ابنته من ثياب، وما تشاهد في التلفاز من قنوات، كما لا يعنيه نوعية الأصدقاء الذين تختارهم، في حين تختلف "روابي" معه في ذلك؛ فتحاول دائماً تربية ابنتها على التحفظ والحياء والحشمة، وهي الأمور التي تعلمتها من واقع أسرتها، متحدثة عن أصل الإشكالية الكبيرة بالنسبة لها؛ فعلى الرغم من محاولتها الدائمة لأن توزان في حياتها بين تفكير زوجها المفتوح وبين تفكيرها المحافظ، إلاّ أنها لا تستطيع أن تدعم ذلك الفكر المتحفظ بداخل أطفالها، خاصة أن بيئة وأسرة زوجها لديها من الأجواء ما لايمكن تجاهله، فنوعية الثياب التي ترتدى غير لائقة، كما أن التساهل في التواصل وكيفيته مع الآخرين غير مقنن، حتى بدأت في التقليل من الاحتكاك بهم حتى لا تندفع في طبيعة أجواء بعيدة عن طبيعة أجواء أسرتها وماتربت عليه، موضحة أنها كثيراً ماتفكر في نصيبها في الزواج، وفي طريقة الحياة التي تعيشها مع زوجها الذي لا يشعر بأنها تختلف عنه كثيراً ولا يمكن أن تؤمن بما يؤمن به في الحياة، وكم من التوتر والقلق الذي تعيشه بسبب ذلك الاختلاف متمنية بأن لايختار الرجل في الزواج إلاّ من يعلم جيدا بأنها تتفق معه من حيث الرؤية والنظرة حتى لاتتحول الحياة إلى صراع دائم بين الممنوع والمسموح به.
التوازن مطلوب
وتختلف معها "اعتدال سالم" التي تأتي من بيئة تقيم الصح والخطأ، فتربت على إقامة الحدود والالتزام بالضوابط الخلقية والاجتماعية، إلاّ أنها بعد أن تخرجت من الجامعة تزوجت برجل محافظ جداً "ومتدين" فأخذت تسير حياتها ذلك المنحنى من الانغلاق على كل شيء، فبيتها يخلو من التلفاز بشكل نهائي، كما أنها أصبحت ترتدي الثياب الطويلة جداً حتى في منزلها وأمام أخوتها، كما أنها منعت من حضور حفلات الأعراس التي تقام فيها الموسيقى والغناء حتى إن كان حفل الزفاف لشقيقها، ومنعت من قبول العلاج لدى طبيب رجل حتى إن لم توجد طبيبة عندما تمرض، وحينما رغبت في البحث عن وظيفة رفض زوجها بحجة الأولاد، حتى شعرت بأن حياتها تضيق عليها شيئاً فشيئاً، موضحة أنها لا تقف ضد الالتزام بالشريعة والمحافظة في الحياة، لكنها ترغب في أن تعيش الحياة بشكلها المتوازن دون أن يفرض عليها أحد رؤيتها للأشياء، مشيرة إلى موقف زوجها غير المقبول تجاه أسرتها، حيث يصفهم دائماً ب"المنفتحين" في حين لم يحاولوا أسرتها أن يطلبوا منه سوى السماح لها بممارسات الزوجة المحافظة دون تعقيد، مؤكدة على أن الاختلاف بين الزوجين من حيث الحفاظ ومفهومه أمر عليه تتشكل الحياة، متمنية أن تعيش حياتها بشكل طبيعي دون قسوة الضوابط كما كانت تحياها بداخل أسرتها المتوازنة.
عادات مختلفة
ويعيش "سامر علي" وضعًا مختلفاً فقد تزوج بزوجة أجنبية، وحينما عاشا معاً تفاجأ بأنها تختلف كثيراً من حيث التفكير والاخلاقيات عنه، فيوجد لديها استهانة كبيرة بالحجاب، كما أنها تحب أن تتعرف على أصدقائه، وإذا زارته أسرته بين رجال ونساء لا تتحفظ في التواصل مع أشقائه، على الرغم من حبه الشديد لأن تكون زوجته متحفظة، وحينما طلب منها تغيير سلوكياتها، خاصة مع انتقاد أسرته الكبير لها، تجاهلت ملاحظاته ووصفته بالمنغلق، مشيراً إلى ضرورة التوافق البيئي بين الزوجين قبل الزواج، لذلك فالمسؤولية هنا كبيرة على الرجل أو المرأة في توضيح ذلك للأسرة حتى يعرفوا من يشرحون للاختيار.
تقديم تنازلات
ويرى "د.أسعد صبر" - استشاري الطب النفسي - أن الاختلاف بين الزوجين من الممكن أن يكون على عدة مستويات، منها المستوى الفكري والشخصيات أو الطباع والأخلاق أو الخلفية الثقافية، وجميع تلك المستويات قد يؤدي إلى إحداث فجوة بين الزوجين، وهذا يؤكد أهمية وجود التفاهم والتقارب والتكافؤ بين الزوجين قبل الزواج، مشيراً إلى أن موضوع المحافظة أو الانفتاح هي من أهم الأمور المتعلقة بطريقة تفكير الإنسان في تعاملاته على اختلافها، فمن المؤكد أنه لابد أن يكون هناك تقارب قدر المستطاع في المحافظة والتفاهم بين الزوجين على هذه الأمور، فإذا حدث الاختلاف فإن ذلك سيتسبب في إحداث فجوة بينهما يصعب التفاهم عليها.
وقال: في مجتمعنا الأمور المتعلقة بالمحافظة والعادات والتقاليد تعد من الأمور الجوهرية التي من الصعب تخطيها في الحياة، موضحاً أن عدم وجود تفاهم بين الزوجين فيما يتعلق بالعادات قد ينتج عنها عدم إلتقاء بين الطرفين؛ إلاّ أنه مهما كان الاختلاف بين الزوجين فإن غالباً ما تشعر المرأة على الأخص بأنها مسؤولة عن إيجاد هذا الاختلاف الفكري ومحاولة الوصول للتوافق، لأنها أمام المجتمع المتهم الأول في إحداث الفشل، ولذلك فكثيراً ماتحاول الزوجة أن تتنازل مع إصرار الزوج، وربما يحدث العكس، مؤكداً على أنه من الصعب أن يحدث الحب أو يكون أقوى من الاختلاف الفكري بين الزوجين. وأضاف أن الحل الأمثل أن لا يحدث هذا الاختلاف قبل الزواج، ولكن إذا حدث وتزوجا فلابد من تقديم التنازلات من قبل كلا الطرفين ومحاولة تقليل الفجوة بين الطرفين، ومحاولة إيجاد التفاهم من خلال الوسيط، مضيفاً أنه كلما اجتهد كلا الطرفين في عدم وجود فجوات فكرية بين الزوجين كان أفضل، إلاّ أنه إذا حدث الارتباط فهنا المسؤولية تكون مشتركة بين الطرفين بأن يضمنا على الأقل سير الحياة.

الفرق بين حب المرأة وحب الرجل

الفرق بين حب المرأة وحب الرجل

عبدالله الجعيثن
    وقد قدَّمنا المرأة على الرجل في العنوان لطبيعة الموضوع، فإن المرأة تحتاج إلى الحب أكثر من الرجل، بسبب عاطفتها القوية، وضعفها - الاجتماعي على الأقل - وهنا تحتاج إلى أن تكون محبوبة فإن هذا يمنحها قوة كبيرة، وثقة في النفس، وإحساساً بجمال الحياة.. ثم إن السيدات أولاً!..
وعلى أي حال فإنه يفيد عرض الفروق بين حب المرأة وحب الرجل في الحياة الزوجية خاصة، والحياة الاجتماعية عامة، لأن ذلك يجعل الجميع يتعاملون على قواعد من الفهم، والإنسان الفهم أرحب آفاقاً وأقوى إدراكاً وأقدر على التعامل الجيد وأقدر على إسعاد الطرف الآخر، وهذا ينعكس عليه بالسعادة، وعلى العكس فحين لا يفهم الطرف الآخر يشقيه ويشقى معه وبه، ويظلمه في كثير من الأحيان، ولا شيء يخرب البيوت والقلوب كالظلم..
ولا يزعم الكاتب بأي حال أنه سوف يقدم الفروق بين حب المرأة والرجل بشكل قاطع.. ذلك أمر صعب ولا مجال فيه للقطع، لأنه أمر يتعلق بالإنسان، وأصعب البحوث والأفكار ما تتعلق بمشاعر الإنسان.. ثم إنه - كما أثبت العلماء - لا يوجد أنثى خالصة 100% ولا ذكر خالص 100% فالهرمون الأنثوي يوجد عند الرجال بنسب متفاوتة، وكلما زادت النسبة كان الرجل في مشاعره أقرب إلى مشاعر المرأة، كما أن الهرمون الذكري يوجد في النساء بنسب مختلفة أيضاً، وكلما زاد عند المرأة كانت أقرب في مشاعرها إلى مشاعر الرجل، ولكننا بالطبع نتحدث عن الغالب العام، ولا نُقَدَّم أحكاماً جازمة، وإنما هي معالم في الطريق..
وسوف نستعين بأقوال الشعراء والحكماء والمفكرين في بيان ما وجدوا وما رصدوا من فروق بين حب المرأة وحب الرجل:
1- الرجل يحب من عينيه، والمرأة تحب من أذنيها.
(مثل صيني)
وأعتقد أنه مثل صحيح إلى حد بعيد، وله تفسيران: الأول أن المرأة تحب الرجل الذي يسمعها كلمات الحب والغرام ويصفها بأنها أجمل النساء ويمدحها باستمرار، فهي لا تلبث أن تحبه لأنها تحب رأيه فيها وإعجابه بها وتحس أنه يسعدها جداً بهذا الكلام وحين يسعد الرجل المرأة من هذه الناحية بالذات فإنها تحب حضوره وحديثه ونظراته ووجوده وتحب حبه لها وإعجابه بها وتغنيه بجمالها وأناقتها وشخصيتها ورقتها، ومهما بالغ الرجل في مديح المرأة - بشرط أن تكون كلماته حارة وتركز على إيجابياتها - مهما بالغ فإن المرأة لن تمل من ذلك بل ستسعد به وتسعد قائله..
وتفسير آخر وهو أن المرأة تحب الرجل على ذكره وقبل أن تراه حين تسمع مدح النساء له وإعجابهن به وذكرهن لبراعته في الحب أو شهرته في مجال شاعري، وكلا التفسيرين واردان ولكن الأول أقوى وأقرب لتحقيق السعادة بين الرجل وامرأته وأسهل تحقيقاً بالطبع، فهو في يد الرجل بل في لسانه أما الأول فليس في يده ولو اراده.. إنه صعب!
أما الرجل فهو يحب من عينيه هو، حين يرى المرأة التي تعجبه فعلاً، ولو وصفت له بأرقى الأوصاف وأجملها ثم رآها فلم يرها على "مزاجه الخاص في الجمال" فإنه يبتسم بهدوء ويصرف النظر..
والنساء يدركن هذا بالفطرة، فالمرأة تعتني بجمالها وزينتها إلى آخر حد ممكن، لأنها تفهم الرجل..
2- المرأة أغنية.. والرجل لحنها
(شوبان)
والقائل من المبدعين في الموسيقى.. ومن معاني هذا القول الجميل أن الرجل هو الذي يبدع الحب في قلب المرأة برقته معها وتدليله لها وثنائه الصادق المستمر على جمالها وشخصيتها فكأنه يلحن لها أجمل قصائد الحب فتغنيها على مسمعيه في سعادة تغمر الاثنين..
3- فإن تسألوني بالنساء فإنني
خبيرٌ بأدواء النساء طبيبُ
إذا شاب رأسُ المرء أو قَلَّ مالُهُ
فليس له في وُدِّهنَّ نصيبُ
يُردءنَ ثراءَ المال حيثُ علمءنَهُ
وشَرءخُ الشباب عندهنَّ عجيبُ
(عبده بن الطبيب)
وهذه الأبيات الجاهلية مشهورة ولكنها ظالمة للمرأة، فإن الرجل أيضاً يريد المرأة الشابة ويهرب من العجوز، وفي هذا العصر صار كثير من الرجال يبحثون عن النساء اللاتي لديهن مال أو راتب دسم، وهذا لا يتعلق بالحب بل بالمصلحة، أما الحب الخالص فهو يقوم على الشكل الذي يبهر المحب بشكل كامل، وعلى الشخصية التي تجذب العاشق، والرجل يرى أن شخصية محبوبته عطر في زهرة، وأنها متكاملة في عينه وعقله ووجدانه، والمرأة تحب الرجل إذا تبلور أمامها فرأته أكمل الرجال ولو لم يكن كذلك فللحب رؤيته الشخصية جداً..
4- الحب عند المرأة قصة عاطفية هي بطلتها.. وعند الرجل قصة هو مؤلفها
(سومرست موم)
البطولة العاطفية هي ميدان المرأة الذي تحارب فيه.. وأحلام المراهقات لا حدود لها في هذه البطولة.. أحلام يقظة لذيذة.. لا تكاد المراهقة - والمرأة أحياناً كثيرة - تقرأ قصة عاطفية مثيرة بطلتها رائعة فاتنة كاملة حتى تزيح البطلة بسهولة وتصبح هي البطلة بفعل أحلام اليقظة التي تجنح بها أسرع من الصاروخ وتطيعها أشد من طاعة اليد، ثم تضيف على تلك البطولة المزيد والمزيد إلى آخر حدود الخيال وتسعد بهذا.. والرجال قد يفعلون هذا ولكن بنسبة أقل.. المغزى هنا أن الرجل إذا أحب امرأة وأراد أن تحبه يحسن به أن يؤلف قصة حب مثيرة ومشوقة ويجعل محبوبته هي بطلتها بحديثه الرقيق المُعَبِّر عن غلاها في حياته وجمالها في عينيه وأنها غيرت حياته وأسعدت وجوده فيها وماذا كانت تلبس وكيف كانت تفتن وكيف سطعت بين صاحباتها كأنها قمر بين الكواكب ويبدي اهتمامه التام المؤيد بالتفاصيل عن ذكريات حبه الباقي لها، وعن لبسها وذوقها وتميزها الجميل في كل شيء، المرأة تعشق الاهتمام بها بلا حدود.. فإذا صنع الرجل هذا انتشت أمامه كبطلات القصص العاطفية الكبرى وأعطاها ذلك قوة هائلة لإسعاده..
5- الحب للرجل هواية فهو يجعله شاعراً.. والحب للمرأة حرفة فهو يجعلها مملوكة
(جول دي كاستين)
والمرأة تكون سعيدة بأن تصبح مملوكة لمن تحب.. ولكنه ليس تملك الرجل الأناني الذي يأخذ ولا يعطي.. ولا تملك الشكَّاك الذي يتهمها دائماً.. بل هو التملك التلقائي الذي تهبه هي لمن يستحقه في نظرها وكأنها بهذا السمكة تهب للماء أن يتملكها لأنها ببساطة لا تستطيع أن تعيش خارج الماء..
وكون الحب للرجل (هواية) لا ينقص لا من قدر الرجل ولا من قدر الحب..
فما أسعد الرجل طالما ظل حبه لزوجته هواية.. وما أسعدها بذلك.. المشكلة حين يصبح مجرد تأدية واجب.. فالهواية فيها ولع وصاحبها يسعد بممارستها ووجودها في حياته.. والواجب مملٌّ يقتل..
5- اللذة تقلل حب الرجل.. ولكنها تزيد حب المرأة
(إتيان راي)
وهذا حكم لاحق للذة وليس سابقاً لها، فالسابق على العكس.. ولذلك فإن اعتياد الرجل على الرقة والحنان في لواحق الأمور هو إدراك مميز..
6- أزمان يدعونني الشيطان من غزلي
وكُنَّ يهوينني إذ كنتُ شيطاناً!
(جرير)
المرأة تحب الرجل الذي يجيد الغزل لأنه يصور لها نفسها في أحلى الصور..
والرجل يحب المرأة التي تجيد دلال الأنوثة وعطفاتها ولفتاتها لأنها تخلب لبه وتشعل رجولته..
7- المرأة تحب لتهب وتستسلم وتغمض عينيها في نشوة الثقة والاعتماد الطيِّع الأمين، لأن قوام طبيعتها الحنو والتسليم والشوق إلى قوة تغمرها وتغمض عينيها بالثقة والنشوة والإذعان..
(العقاد)
وهذا ما يحبه الرجل في المرأة فهو (حالة متكاملة) الفرق أن الرجل ينبغي أن يمنح المرأة الثقة، ؟أولاً الثقة في نفسها بالثناء العاطر عليها في جمالها وأناقتها وشخصيتها وطبعها وصوتها وأهلها وأخلاقها، وثانياً الثقة فيه كرجل ناجح محترم..
8- إذا غَدَرت حسناءُ وَفَتء بَعءهدها
فمن عهدها ألاَّ يدومَ لها عَهءدُ
وإن عشقت كانت أشدَّ صبابة (1)
وإن فركَتء فاذهب فما فركُها قَصءدُ
وإن حقدتء لم يَبءقَ في قلبها رضى
وإن رضيت لم يبقَ في قلبها حقءدُ
كذلك أخلاقُ النساء ورُبَّما
يضلُّ بها الهادي ويخفى بها الرُّشءدُ
(المتنبي)
ولم يكن رأي عمّنا المتنبي في المرأة طيباً بشكل عام.. فالمرأة - على عكس ما قال - أكثر وفاءً من الرجل وإخلاصاً.. ولكنه شاعر نافذ وقد صدق في ذكر "حدة عاطفتها" و"آنية شعورها" فهي بنت لحظتها وأسيرة عاطفتها فإذا أحبت جاءت كلها وإذا كرهت ذهبت كلها، وهي كالفن.. فالمرأة فنانة بطبعها.. والفن - وأوله الشعر - إذا أعجب بأمر رفعه للسماء.. وإذا كرهه - ولو وقتياً - مسح به التراب..
المرأة متطرفة في الحب.. والبغض.. سريعة الرضا والغضب.. والرجل أكثر اعتدالاً وشرٌّ في العواقب..
----------
(1) فركها: كرهها.. قَصّدُ: اعتدال.

كيد النساء أرحم!

كيد النساء أرحم!


«الحب» الدافع الأول لكيد النساء الإيجابي
الخبر، تحقيق - عبير البراهيم
    كان يخفي بداخله كل المشاعر المختلفة التي تحب أن تعيشها أي امرأة، كانت تعني له كثيرا، أو ربما توهمت هي بذلك، لكنه كان دائماً يحسن الهروب في أكثر اللحظات التي تحتاج أن يبرهن لها بمدى حبه لها، حتى كان هو رجل الثلج!، وكانت هي امرأة التوق!، كان هو رجل الصمت، وكانت هي امرأة البوح، كان هو الرجل الذي يفكر مئات المرات قبل أن يحدثها، في حين كانت هي المرأة التي تتقن القفز فوق الحواجز من دون تكلّف، كان رجل المخاوف الكثيرة، وكانت هي امرأة الأمل والثقة، كان زوجا لا يجيد أبداً فن التعامل مع المرأة في الحب، وكانت هي الزوجة المشبعة بعاطفة لا تكف عن مطاردة الإشباع، حتى حينما تنظر إليه.
حاولت "أريج" أن تغيّر من زوجها "محمد" كثيراً، الذي كان دائماً يؤكد أنه قريب منها ويحبها، لكنه لا يحسن أبداً التعبير عن ذلك، فكانت غالبية مشكلاتهما الزوجية تدور حول حكاية "الرجل الذي لا يبادر أبداً"، حيث يعاني من زوجة لا تكف أبداً عن مطاردة الحب فيه، لكنه كان مشغولاً دوماً، وينظر للحياة على أنها عمل دائم، وبناء للمستقبل، حتى إن كلفه ذلك أن يبقى خارج المنزل طويلاً، حتى ساد الصمت والفتور والغضب بينهما، وتراكمت المشاعر السلبية بين قلبين لا يحسن أحدهما فهم الآخر.
وبقيت "أريج" تصرّ على أن يدخل زوجها جنتها شاء ذلك أم لم يشأ؟، فقررت إنهاء تلك القطيعة التي أحدثها الخلاف والاختلاف بينهما، في حين قرر "محمد" ألا يبدي محاولات جادة لإقناعها بالعودة، فهي من اختارت ذلك، فأرسلت له رسالة تخبره أنها مريضة، وفي حالة حرجة في المستشفى، في تلك اللحظات انصهر حاجز كبير في داخل "محمد" ومن دون تفكير، ومن دون أن يعد حساباته العقلانية، اتصل ليطلب منها أن تطمئنه بلهفته الجميلة، وبصوت ينعصر ألماً، يطلب منها أن تكون بخير حتى يأتي لرؤيتها، ثم يخبرها أنها تعني له كثيرا، وأنه يريدها بجواره دائماً، فلا يجب أن تصدق صمته وجموده، لتنتهي تلك القطيعة، حيث استطاعت "أريج" أن تكسر حاجزا كبيرا كان يهدد حياتها الزوجية بكيد النساء، لكنه كيد نبيل، كيد المحب!.
صنعن المواقف لتغيير من حولهن طمعاً في حياة أسرية سعيدة وبعيدة عن «اختراق الفضول»

كيد جميل!
بقيت المرأة دائماً موصوفة ب "الكيد السلبي"، الذي تستطيع به أن تدمر الأشياء الجميلة من حولها، إلاّ أن للنساء كيدا جميلا، كيد إيجابي، يدفعها لأن تخطط وتدبر حتى تزرع الحب من حولها، فهناك من النساء من تكيد لأنها تريد أن تحافظ على زوجها، وهناك من تكيد حتى تحافظ على منزلها، في حين تكيد المرأة لتحمي أبناءها، وربما تكيد لأنها ترغب في حياة أفضل، ف "الكيد الإيجابي" هو ذلك الكيد الذي لا يمكن أن يسبب الإيذاء لأحد، بل أنه نبيل، يدفع لأن تتحول جميع الأمور إلى الأفضل، وتنوعت تجارب كثيرة لبعض السيدات اللاتي وجدن في الكيد الجميل سبيلاً لتحقيق الأهداف التي لم تستطع القوة أن تحققها، فوجدن أن المرأة عليها أن تكيد، ولكن ببناء الأهداف النبيلة التي لا تكون على حساب أحد من الناس.

الزوجة تبحث عن حلول ممكنة لاحتواء مشاكل الأسرة
ترك التدخين
وقالت "هيله علي": بذلت جهداً كبيراً في محاولات دائمة حتى أقنع زوجي بترك التدخين، لكنني لم أحسن فعل ذلك، فقد كان مرتبطاً بالتدخين بشكل دائم، وبذلت كثيرا من السبل لإقناع زوجي بأنه ضار، وأنه سيقوده إلى تدمير وخسارة صحته، لكنه كان يرى في "السيجارة" سلوته الوحيدة، والمفر الكبير متى غضب ومتى فرح، حتى قررت أن تدفعه لأن يترك التدخين، حتى وإن كلفها ذلك استمرارها معه، مبينة أنها كانت تعلم أن زوجها يحب ابنه الصغير، والبالغ من العمر عامين حباً لا يوصف، بل ويخشى عليه من أي شيء قد يسبب له الضرر، مضيفةً: "استغللت انشغال زوجها بمشاهدة التلفاز وهو يشعل سيجارته، فطلبت منه أن يساعدها في حمل صندوق، ونقله إلى غرفة أخرى، فأسرع بالمبادرة، تاركاً السيجارة مشتعلة على الطاولة، فأسرعت ووضعت السيجارة بيد طفلها الصغير، وكأنه يحاول أن يستنشقها، وخرجت من المكان، وبقيت تراقب من بعيد، وطفلها يلعب بالسيجارة، حتى جاء الزوج وشاهد ابنه يحملها، فأسرع وانتزعها من يديه، وهو في هلع كبير، وأخذ يشم فمه، ويحاول أن يسأله إن كان قد استنشقها أو لا؟، في حين بقي الطفل صامتاً في دهشة،
حتى بكى الزوج وقرر أن يترك التدخين"، موضحةً أن المرأة عليها دائماً أن تحمي أسرتها والأشخاص الذين يعنون لها في الحياة، حتى إن تطلب ذلك شيئا من الكيد والمخاطرة، ولكن الأهم النتائج.

المرأة الناجحة الواثقة من إمكاناتها تستطيع أن تقنع الرجل بما هو أفضل
نوايا سليمة
واتفقت معها "سميرة الجبيلي" التي ترى أن الكيد الإيجابي هو ذلك الكيد الذي ينبع من نوايا سليمة خالية من معاني السوء تجاه الآخرين، فكثير من النساء للأسف يتصفن بالكيد السلبي الذي تستطيع من خلاله أن تسهم في "خراب المنازل"، إلاّ أن للمرأة طرائق وأساليب تستطيع من خلالها أن تحافظ على كيان أسرتها، مستشهدةً بقصة صديقتها التي بحسن تخطيطها وباستخدام كثير من الأساليب غير المباشرة استطاعت أن تدفع زوجها لأن يكمل الدراسة الجامعية وينجح بتفوق، على الرغم من أنها تزوجته وهو يحمل الثانوية فقط، منتقدةً بعض النساء اللاتي يكدن من أجل أن يحطن البعض بالسوء، وربما اعتقدن أنهن يحققن المصلحة بذلك، كالزوجة التي تحاول أن تفرق زوجها عن أسرتها من منطلق الحب والرغبة في تملكه، من دون أن تشعر أن لذلك آثارا غير إيجابية على حياتها، مؤكدة أن المرأة التي تكيد إيجاباً، تستطيع دائماً أن تظفر بحياة منظمة وسعيدة، وبها كثير من النجاحات، في حين قد تخسر المرأة التي تكيد ب "خبث" حتى إن حظيت بغنائم مؤقتة.
تخطيط وتدبير
وعرّفت "أمل الكناني" مستشارة تدريب قيادي، الكيد بأنه التخطيط والتدبير، لذلك يمكن أن يكون سلبياً أو إيجابياً، مضيفةً أن ارتباط الكيد بالمرأة يأتي من التاريخ القديم، حينما ترتبط الحكايات والقصص القديمة بكيد المرأة، وتظهر ذلك الكيد بالسلبي، على الرغم من أن المرأة في الحقيقة تكيد لأن لديها قدرة - كما الرجل - على التخطيط والتدبير، لذلك فمن الطبيعي أن تكيد، مبينةً أن الكيد مرتبط بالإنسان على اختلاف جنسه؛ لأن كل إنسان في حياته لابد أن يخطط ويدبر، والمرأة تخطط، لذلك كان لديها القدرة على أن تخطط لتنظيم حياتها الأسرية، موضحةً أن المرأة تكيد مع الرجل لعدة أسباب وبأشكال مختلفة ومتفاوتة من الإيجابية والسلبية، فهي حينما تستخدم كيدها ودهائها مع الرجل فقد تكون لعدة أسباب أهمها "الغيرة"، مشيرةً إلى أن المرأة حينما تشعر بالغيرة الشديدة قد تكيد وتخطط، أو ربما تكيد لأنها تشعر أنها أضعف من أن تغير ما يزعجها، فتدبر وتخطط لتغير ما لا تحبه، ذاكرة أن الرجل عادة ما يصف المرأة بالكيد معه، إلاّ أنها تكيد لأن طبيعته تختلف عن طبيعتها، فتسعى لأن توصل له ما تشعر به، أو ما ترغب بالحصول عليه منه بأسلوب الكيد، وهو الأسلوب غير المباشر في التعاطي.
صراخ عجوز!
وأوضحت "أمل الكناني" أنه لا يمكن حصر الكيد على النساء من منطلق الآية الكريمة: "إن كيدهن عظيم"، وللأسف اعتاد الناس على فهم الآيات على عوامها، في حين جاءت تلك الآية لوصف امرأة العزيز، ذاكرةً أنه قد تدفع العاطفة المرأة للكيد، وحينها من الممكن أن تكون إيجابية، فتحتضن من تحبه، في حين قد يتحول ذلك سلبياً فتدمر حياة من تحب، مستشهدةً بحكاية المرأة العجوز التي التقاها رجل لدى البئر فسألها: ما كيد النساء؟، هل هو عظيم؟ فأخذت تصرخ، فارتبك الرجل، وقال: لماذا تصرخين؟، فقالت العجوز: إذا جاء الناس سأقول بأنك حذفتني في البئر، فأخذت تصرخ واستمرت بذلك حتى أقترب الناس منها، فأسرعت وسكبت الماء على رأسها وثيابها، وحينما سألها الناس ماذا حدث؟، قالت هذا الرجل أنقذني من الغرق، فعرف الرجل أن كيد النساء من الممكن أن يمنحه التعاسة، وممكن أن يمنحه السعادة.
نظرة سائدة
وأكدت "أمل الكناني" أن ارتباط الكيد السلبي بالمرأة يأتي من الذاكرة التاريخية القديمة التي كانت تصور المرأة أن كيدها وراء قلب نتائج الحروب، وخلف الخيانات، وخلف الزج بالرجل في السجن، فأصبحت تلك النظرة سائدة على صورة كيد المرأة، في حين يبقى هناك كيد جميل تتصف به متى رغبت بذلك، حتى أصبحت نفسها تؤمن بأن كيدها عظيم، مشيرةً إلى أن المرأة متى كانت ذكية، فإنها تكيد بطريقتها الخاصة التي تستطيع أن تصل إلى ما تريد، من دون أن يكون هناك جوانب سلبية، على الرغم من أنها ترفض أن ترتبط بها صفة الكيد مهما كان نوعه.

ليس من العقل أن يضيء الإنسان غيره ويبقى هو في ظلام

منعطف «التوجهات الأربعة» نحو التجديد:

قبول وتردد وتشدد وانفلات


متشددون يعترضون على عرض «فيلم مناحي».. ويرفضون فكرة السينما نهائياً
الخبر ، تحقيق - عبير البراهيم
    على الرغم من التغيير والتجديد والتحولات الفكرية التي طرأت على المجتمع، وأسهمت في خلق فكر إسلامي تنويري يتعامل مع تلك التحولات بدين الوسطية بعيداً عن التطرف والتشدد؛ إلا أنّه من الملاحظ بأنّ الساحة الفكرية شهدت وجود ثلاث توجهات فالأولى منها: قبلت التجديد واستوعبته وتجاوبت معه من منطلق إسلامي تنويري، في حين ترددت الفئة الثانية في المشاركة والظهور والتأييد؛ ففضلت البقاء محايدة تنتظر النتيجة، في حين جاءت هناك فئة متشددة لاتقبل التغيير وتنبذه وتقف ضده وتهاجمه..
والسؤال: هل بقي الكثير حتى تستوعب الفئة الثانية أهمية الشجاعة والتأييد بدين حقيقي بعيداً عن السلبية فتدخل في دائرة التغيير؟ وماهو الوقت الذي تحتاجة الفئة الثالثة لتخرج من إنغلاق العقول الخارجة عن دائرة الوعي؟
عقول خارج تغطية الوعي..الجمود يساوي «الموت»!

اتجاهات فكرية
يقول المفكر الإسلامي "د.زين العابدين الركابي": "كل مجتمع يتعرض للتطور والتحول تبرز فيه اتجاهات فكرية مختلفة بإزاء هذه التحولات، ولعله من المناسب إضافة توجه رابع إلى التوجهات الثلاثة المذكورة وهو توجه التطوير والتغيير بلا معايير أو بمعايير غير متناغمة مع قيم المجتمع المتفق عليها ودون وصاية فكرية على أحد، من الممكن نقد مواقف توجهات ثلاثة في هذه القضية: توجه الحياد أو التوقف فهذا منهج خاطئ؛ لأنّ منهج الإسلام (منحاز) بطبيعته إلى التقدم والتطور والتجديد أو هو منهج حافز بقوة إلى التجديد، أما التوجه الثاني هو توجه خاطئ كذلك، فمنهج أيديهم يناهض -بلا هوادة- الجمود بعد أن يحدد ويضبط مفهومه، ومن أبرز مفاهيم الجمود رفض التجديد أو الخوف منه، وهذا معنى يتطلب تأصيلاً منهجياً نقرأ في القرآن (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين، وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذوالفضل العظيم).
الاجتهاد والتجديد
وأضاف: ولقد كان الدين جديداً غضاً في عهد النبي، فأخذ الصحابة حظهم الوافر من فضل الله في العلم والحكمة والفهم؟ فهل لمن جاء بعدهم (حظ) من العلم والحكمة والفهم؟ نعم فالآية تنص على أنّ فضل الله في العلم والحكمة والفقه والفهم سينال الذين (لما) يلحقوا بالصحابة، وهو تعبير ينتظم الأجيال كلها التالية للصحابة بمن فيهم جيلنا هذا ومجتمعنا هذا إلى يوم القيامة، فكيف تنال الأجيال المسلمة المتعاقبة حظها الجزيل من العلم والحكمة والفهم والفقه؟ بداهةً لن تناله بالجمود، وإنما تناله بالاجتهاد والتجديد المستمرين هو حظ سماه الله "فضل الله"، مشيراً إلى أنّ من يزعم أن حظ الفهم السديد للإسلام محصور في الصحابة وأن الاجتهاد في الدين -من ثم - قد أغلق بابه وردمت ينابيعه؛ متأل على الله ..راد لفضله ..محجر لرحمته الواسعة،.. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها" وفي هذا الحديث مفاهيم تسامت في السداد والتجديد والجمال، ومن هذه المفاهيم: إن التجديد لايكون إلا بالاجتهاد، وإلا كيف يجدد الدين من فقد القوة والأهلية للنظر والتجديد العقلي والفكري؟ والمفهوم الثاني للحديث: إن التجديد ينبغي أن يكون (دورياً) حتى لاتأسن حياة المسلمين ولاتتعطل مصالحهم، ولايقعون في حرج، وقال عليه الصلاة والسلام: "إنّ الحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر"، وفي هذا الحديث تشجيع قوي على الاجتهاد، ودفع إليه.
المتشددون في الرأي هم من يتصفون بالتفكير الرقمي.. «أبيض أو أسود»

الإبداع والتجديد
وأشار "د.الركابي" إلى أنّ المجتهد مثاب في كلتا الحالتين -الصواب والخطأ- ولكن لماذا إثابة المخطئ على الاجتهاد المخطئ؟ الحكمة في ذلك هي: أنّ الخوف الشديد من الخطأ هو الذي يقمع (الإبداع) وحتى لايحرم المسلمون أنفسهم من فرص الإبداع والتجديد والاجتهاد تحت ضغط الخوف من الخطأ: حررهم الرسول من الخوف من الخطأ بهذا الوعد الجميل بالمثوبة على الاجتهاد المخطئ، وبهذا التحرر فتحت فرص التفكير الحر والإبداع والاجتهاد والتجديد، وهذا كله هدي إسلامي مبين ينقض الجمود نقضاً تاماً، ويجرده من كل ذريعة وعذر، مؤكداً على أنّ التوجه الثالث هو توجه التطوير والتغيير بلا معايير سديدة معتبرة أو بمعايير غير متناغمة مع قيم المجتمع المتفق عليها وهذا موقف خاطئ بلاشك، ذلك أنّ هذا النوع من التغيير هو شيء أقرب إلى الفوضى أو الأمزجة الفردية منه إلى خريطة تجديد مجتمع له قيمه ومبادئه ومقاصده وشخصيته ومصالحه ورسالته.
التحول والتغيير
وأكد على أنّ المعايير ضرورية جداً في فترات التحول والتغيير؛ لأنّ العقلاء يعلمون أن هناك ماينبغي تغييره وهناك في الوقت نفسه مالاينبغي تغييره، فكيف يمكن التمييز بين هذه "الينبغيات المتعارضة"، ويمكن ذلك فقط بتحديد المعايير وإعمالها، مشيراً إلى أنّ التوجه الرابع هو: اتجاه النزوع القوي المستمر إلى التطوير والتجديد وهو التوجه الراشد الذي ينبغي أن يسود ويقود، مؤكداً على أنّ الإسلام في حقيقته (نهضة تنويرية إنسانية كبرى) في التاريخ البشري، نهضة تنويرية بالمفهوم "اللغوي" والمفهوم الموضوعي، فكلمة "تنوير" عربية فصحى مشتقه من الفعل الثلاثي "ن ، و، ر" يقال نورالشيء تنويراً، ووفق هذه اللغة تنزل القرآن الذي انتظم آيات كثيرة تنص على أن الإسلام: "نور وتنوير(ولقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين)، وقوله: (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) وقوله: (ماكنت تدري ماالكتاب ولاالإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا).
متى نستثمر «إمكانات التفوق» دون «معوقات تخلف» و «وصاية الفكر الواحد»؟

النهضة التنويرية
وأضاف: أما من الناحية الموضوعية يمكن تقديم نماذج من النهضة التنويرية الكبرى التي قادها الإسلام، أولاً: نهضة التنوير العقلانية وهي البداية إذ لانهضة حقيقية في أي حقل في غياب العقل أو في حالة تحجره وتجميده ؛لذا نستطيع أن نقرربهدوء ويقين وثقة أن النهضة التنويرية العظمى على يد الإسلام كان (العقل) مفتاحها ونفاذها وآليتها ومدخلها وهذا هو التحليل العقلي والمنهجي لهذه الحقيقة الرئيسية، لقد كانت جزيرة العرب وكان العالم كله في "غيبوبة عقلية" كمايقول: "ارنوله تونيب" و"جون ديز موندبرنال"، وكان الجمود الفكري هو "العملة الرائجة" والعرف الضاغط السائد، ويستحيل أن يحصل تقدم ونهوض وتحرير وتنوير بينما العقل غائب والفكر جامد ومن هنا كانت الأسبقية المنهجية والتطبيقية هي "استحضار العقل الغائب" وتحريكه وتنويره، ثانياً: النموذج الثاني من النهضة التنويرية الإسلامية الكبرى إنما هو نموذج أثمرته النهضة العقلانية الفكرية المبدعة فقد أثمر تفجير طاقة العقل منهجاً علمياً موضوعياً في التعامل مع الكون وذراته وقوانينه بعلم.

شاب يتحرش بفتاة بطريق النهضة شرق الرياض دون أن يعي خطورة الانفلات من القيم
التسامح الديني
وقال "د.الركابي": "ومن هنا بدأت المسيرة البشرية الصحيحة في العلم والمعرفة في العلم ب(الكونيات) والتعامل الممتاز معها، يقول العالم الموسوعي (جون برنال) في كتابه تاريخ العلم: صعد الإسلام صعوداً فجائياً وكان الأثر المباشر لذلك هو التنشيط الكبير للثقافة والعلوم، وقد أصبح الإسلام نقطة المجتمع للمعارف الآسيوية والأوربية ومن ثم تدفقت في هذا المجرى المشترك سلسة من المخترعات لم تكن معروفة ولا متاحة للتكنولوجيا اليونانية والرومانية"، وثالثا: النموذج الثالث غير مسبوقة جمود نموذج التسامح الديني والإنساني، واستشهد "وجلاس ريد" في كتابه جدل حول صهيون بمقوله واضحة وأمينة ل"أوغسطين" وهذه الكلمة هي: "أنّ الإسلام أجاز بغير المؤمنين به الحرية الاقتصادية وإدارة شؤونهم الخاصة، وكان الإسلام متسامحا مع أتباع الديانات الأخرى، وأنّ ماحققه الدين اليهودي من ازدهار وحرية في ظل الإسلام ماكان بالإمكان تحقيقه في بداية انتشار الديانات المسيحية"، موضحاً أنّ المفكر اليهودي الشهير "إسرائيل شاماك" قال في كتابه الديانة اليهودية: "ثمة حقيقة مهمة وهي أنّ طرد اليهود لم يكن معروفا عمليا في بلاد المسلمين؛ لأنّ هذا الطرد يتناقض مع الشريعة الإسلامية"، فالإسلام نهضة تنويرية عالمية أضاءت الحياة البشرية في مجالاتها كافة وليس من العقل أن يضيء الإنسان غيره ويبقى هو في ظلام بل المطلوب عقلاً ومنهجاً أن يستضيء الإنسان نفسه بالنور الذي يحمله قبل أن يضيء الآخرين.
د.الركابي: ليس من العقل أن يضيء الإنسان غيره ويبقى هو في ظلام

النهوض الحضاري
ويرى الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية "د.عبد الرحمن الزنيدي" بأنّ التغيرات التي تجري في المجتمع؛ سواء كانت ذاتية فيه بفعل تحولاته السابقة، أو وافدة عليه بفعل العولمة تُنضج التوجه الإسلامي ليكون على مستوى المرحلة وخطورتها؛ بحيث يستطيع قيادةَ المجتمع نحو مايتطلع إليه جميع أفراده؛ أي نحو النهوض الحضاري مرتكزاً على مرجعيته الإسلامية؛ متجاوزاً التوجه الإنسلاخي الذي لا يأبه بهذه المرجعية، ومستثمرا لمكتسبات المجتمع التي وصل إليها، مشيراً إلى أن انقسام الفاعلين في الساحة إلى أقسام تقوم بينها علاقات جدلية، أو باللفظ القرآني " تدافع" سنةٌ من سنن الله في التغيير الاجتماعي الذي هو بدوره سنة إلهية في الوجود الإنساني، موضحاً بأن من سنة الله أن يفرز هذا الجدلُ، أو التدافع حالاتٍ جديدةً ،غالبا ما تكون حالةَ وسطٍ بين الرؤيتين المتطرفتين المتدافعتين.
التقسيم في المجتمع
وأضاف: إن التقسيم في المجتمع هو حقيقة بين أطراف؛ تتوسطها مواقع: الأول منها طرف التشدد، والانكفاء، والانزعاج من مستجدات الأشياء،والأحداث، والآخر يتمثل في طرف التسيب والانسلاخ القيمي، والاستلاب للعصر؛ ولوعلى حساب الدين والقيم، وبين هذين الطرفين المتطرفين توجد فئات الاعتدال التي تتقارب فيما بينها حتى تندمج أقصد بين المعتدلين من ذوي المرجعية الشرعية والمعتدلين من ذوي البعد الوطني والإنساني، قد يتزايد تطرف التشدد حتى يقذف بمعتدلي التوجه الإسلامي في الطرف الآخر؛ فيكونا طرفين متقابلين، وإن اتحدت المرجعية والهدف، لكن يختلف التفسير، والمنهاج، وهذا قائم في الواقع فالاتهامات التي تُوجَّه للمنحرفين دينيا بشكل واضح من قبل المتشددين تُوجَّه نفسها الى المعتدلين الإسلاميين؛ لمجرد الاختلاف معهم في اجتهادات جزئية، أو رفضهم لمواقفهم الواضح تطرفها، وإن كان هذا الرفض بالأدلة الشرعية.

التغيرات الفكرية
وأشار "د.الزنيدي" إلى أنّ الفئة التي تسهم في المشاركة في ذلك التحول فعلى الرغم من صدق هذا الوصف على أناس من ذوي الشأن العلمي، والفكري في الدائرة الإسلامية ممن انحصرت جهودهم في القراءة، لا الكتابة، والمتابعة والاطلاع، لا المداخلة، والإبداع، إلا أن الفئة الكثيرة ممن يُتصور حيادهم ليسوا كذلك؛ لكن جهودهم لا تتمثل في النشر الصحفي، أو البرامج الفضائية، إنما تتمثل في مسارات أخرى غير إعلامية؛ كالبناء التربوي للطلاب، ورعاية الناشئة، والتهيئة لمرحلة تحولية يتجه إليها المجتمع بفعل التغيرات الفكرية، والاجتماعية الكثيرة الآن، والتي تتمثل إرهاصا لواقع جديد مغاير لما هو حاضر وماضٍٍ، مضيفاً بأن التغيرات التي تجري في المجتمع؛ سواء كانت ذاتية فيه بفعل تحولاته السابقة، أو وافدة عليه بفعل العولمة تُنضج التوجه الإسلامي ليكون على مستوى المرحلة وخطورتها؛ بحيث يستطيع قيادةَ المجتمع نحو مايتطلع إليه جميع أفراده؛ أي نحو النهوض الحضاري مرتكزاً على مرجعيته الإسلامية؛ متجاوزاً التوجه الانسلاخي الذي لا يأبه بهذه المرجعية، ومستثمراً لمكتسبات المجتمع التي وصل إليها، ولمنجزات العصر النافعة تجاوزا للتوجه الإنكفائي الرافض للبناء الحضاري الذي يخرج بالمجتمع عن نمطه التراثي التقليدي.
د.الزنيدي: تغييرات المجتمع فرصة أمام التوجه الإسلامي ليكون على مستوى الحدث

نفسية الشخص
ويرى استشاري الطب النفسي "د.أحمد حافظ" بأنّ الموضوع هنا لايتعلق فقط بفئة معينة، فالعلاقة هنا ترتبط بعدة عوامل مرتبطة بنفسية الشخص ذاته فهناك أولا مايسمى البرامج العقلية لدى الإنسان، مثل برنامج تشابهي وفروقي فعلى سبيل المثال يوجد من الناس من لديه سيارة قديمة جداً وربما تمر السنوات الطويلة ويرفض أن يغيرها؛ لأنّه اعتاد عليها حتى إن ظهرت أشكال جديدة وكذلك الحال على من يرتدي ثوبا محددا يرفض أن يغيره فهذا الإنسان تابعيته للتغير تكون منخفضة بعكس الإنسان الفروقي الذي يحب التغيير والتجديد سواء كان على مستوى لباس أو شراء وكل مايخص الحوادث الحياتية فالجانب الفروقي يدفع الإنسان على البحث وقبول كل ماهو جديد وهذا البرنامج هو الذي يفرق بين الناس ومقدار التباين فيما بينهم ، كذلك هناك برنامج عقلي لدى الإنسان يسمى المرجعية الداخلية والمرجعية الخارجية فالمرجعية الداخلية تدفع الإنسان إلى حب الحكم على الأشياء ولايقبل حكم الآخر ،أما المرجعية الخارجية فمن يشارك بها الآخرين وهنا قد يتأثر المرء بآراء أصحابه أو المقربين المحيطين بحياته، فالإنسان الذي تكون مرجعيته داخليه لن يكون تغييره بسهولة كماهو الحال لدى من مرجعيته خارجية.

أحادية التفكير
وأكد على أنّ طرح مثل هذه المعلومات لايعني تقييم النوعين من حيث الصح والخطأ وإنما هناك ماهو مناسب وماهو غير مناسب وذلك حسب السياق والزمان والمكان، مشيراً إلى فئة من الشخصيات من لديها أحادية التفكير في موضوع ما وهو مايطلق عليه بالتفكير الرقمي والذي يقوم على البت في الشيء إما صح أو خطأ، أو أبيض أو أسود ليس لديه أمور في النصف وهذه النوعية من الشخصيات عادة مايكون متجمدا فكريا لايقبل بأي آراء سواء كانت جديدة أو قديمة أو مقاربة والسبب ليس به وإنما ببرامج عقله بخلاف الإنسان الذي يملك التفكير المرن واختلاط الألوان في الحياة فهناك الأبيض والأسود وقد يقع الرمادي في منتصف الحالتين وهكذا وهذه الشخصية تملك المرونة في تقبل الآراء المخالفة وكذلك مرونة أكثر في التعامل مع الأطروحات الجديدة وكذلك القدرة على تفهم وجهة النظر الأخرى.

مبدأ التغيير
وأوضح بأن التفهم هنا لايعني القبول، فالقبول أمر آخر يختلف عن التفهم وهذا مايفسر عدم تقبل بعض العقول لمبدأ التغيير أو تقبل الأطروحات الجديدة، مضيفاً بأنّ مثل هؤلاء لايملكون الفصل بين الرأي الشخصي وبين القداسة المرتبطة بالدين فحينما يختلف هذا الشخص في أمور عادية كتفضيل فريق كرة على غيره من الفرق ويأتي من يخالفة في ذلك التفريق فإنه يقبل الاختلاف بشكل عادي أما حينما يرتبط الاختلاف بأمور تتعلق بالدين ويأتي من يرجح شيخا على آخر في أطروحاته، فالدين هنا مرتبط بقداسة عالية منذ قديم الأديان والقداسة هنا لابد أن ترتبط بالفكرة وليس بالشخص إلا أن البعض ينسى أو يتناسى ويخلط بين الأمور فيجعل من نفسه بأنه هو صاحب تلك القداسة، فحينما يأتي متخصص ويقول الدين قال كذا "فذلك يعني لابد أن تحترموا رأيي وتقدسوني"، ولانقاش في ذلك وحينما يأتي من يخالفه في الرأي فإنه يغضب ويتزمت ليس للفكرة المرتبطة بالدين وإنما لأنه تم مخالفة رأيه الشخصي وهنا الأمر مرتبط بأمر نفسي شخصي ليس له علاقة بالدين تماما، مشيراً إلى أنّ الحل هنا يكمن في فك الارتباط بين الرأي الديني وبين آراء الأشخاص، وهنا لابد من التعبير بقولنا (أنا رأيي في المسألة الفلانية المتعلقة بالدين هكذا) ولا أقول (الدين قال كذا) فالتشريع في الدين كلف به الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الذي مايقوله لاخلاف ولااختلاف به وماسواه لايحق له التشريع كما يرى فهنا يكون رأي فقط والرأي قد يصيب وقد يخطئ.

نظرة التقليديين
ويتفق معه عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود "د.سعد ناصر الحسين" الذي يرى بأن التقليديين الذين دائما ينظرون إلى الوراء وإلى أن الماضي أفضل من الحاضر وأن المستقبل دائما يشوبه الكثير من المخاوف وبالتالي يتمسكون بالماضي فهؤلاء الناس هم الذين يقفون أمام عجلة التقدم وربما أننا لانرغب ربط هذا برجال الدين إلا أن الحقيقية أن البعض منهم وليس الجميع يتصف بذلك "للأسف" وهم التقليديون الذين يرفضون الأخذ بكل مايسهم في تقدم أي بلد، موضحاً بأن الدفع مثل هؤلاء التقليدين إلى الإقناع فإنه يحتاج لأن يكون من يرغب في التغيير مثالا يحتذى به، فعلى سبيل المثال لانستطيع احترام إشارة المرور حتى يكون رجل المرور ذاته يحترم تلك الإشارة فالذين يقودون دفة التغيير فلابد أن يكونوا هم مثالا يحتذى به حتى يستطيعوا أن يضربوا مثالا حيا وجميلا لهؤلاء التقليدين.
العوامل الاجتماعية
وأكد على أنّ هناك الكثير من العوامل الاجتماعية التي ساعدت على وجود بعض المتزمتين لآرائهم الشريعية فالإنسان هو ابن بيئته ونتاج لهذه البيئة تشكله وتلقي عليه بعض من سماته فالمجتمع الذي يعيش فيه المرء يؤثر إما بشكله السلبي أو الإيجابي على قناعاته الشخصية نحو الجديد وخير مثال على ذلك وهي نظرية مأخوذاً بها في علم الاجتماع أن سكان السواحل هم أكثر انفتاحا وتقبلا من سكان الوسط في أي دولة من دول العالم والسبب يكمن في احتكاكهم في العالم الخارجي وبالتالي المناطق التي تكون على الأطراف تكون متقبلة للآخر أما المناطق التي في الوسط ففي الغالب تكون منغلقة على نفسها وغير منفتحه في حقيقتها، فالتقليديون أياً كانوا في أي مجال وليس في الدين فقط لايستطيعون قراءة المستقبل ومن لايستطيع قراءة المستقبل لابد أن يتخوف منه فعلى سبيل المثال كان الناس في القديم يعتقدون بأن التنبؤ بالأحوال الجوية هو ضرب من ضروب الخيال ومع التطور أصبحوا يدركون بأنهم يستطيعوا معرفة الأحوال الجوية ليس ليوم بل لأسبوع قادم فالتقليديون والذين يتخوفون من التغيير ومن المستقبل هم في الحقيقة لايستطيعون مواجهته.
تراجع أفكار التشدد أمام «مرحلة التنوير»

أكد «د.زين العابدين الركابي» على أنّ «التنوير الحق» هو الرسالة الأولى والدائمة لعلماء الإسلام وفي ظل ذلك يتوجب أن تتراجع توجهات التوقف والجمود والتخبط تجاه قضية التطوير والتجديد، تتراجع لتفسح الطريق لتوجه التجديد والتنوير؛ حتى يأخذ المجتمع حظوظه الوافرة من عناصر التقدم والقوة في هذا العصر، ويمكن ذلك بمناهج تعليمية وبرامج ثقافية وإعلامية ترسخ القناعات في قلوب الناس وعقولهم بأن التجديد يساوي الحياة وأن الجمود يساوي الموت، مشيراً إلى أنّ تلك المناهج تعتمد على أسس ثلاثة، الأول: أساس أنّ الإسلام دين ينهض بالناس دوماً بأن يتقدموا حيث إنّه دين لايأذن بوقوف جامد ولايتراجع إلى الوراء ومن أدلة ذلك حديث الرسول الكريم: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها) الثاني: أساس أنّ التطوير سنة كونية تنتظم الناس أجمعهم مسلمين وغير مسلمين وأن هذه السنة لاتحابي أحدا قط فمن تكيف معها تقدم وإن كان غير مسلم ومن حاد عنها تخلف وإن كان مسلما والواقع البشري المعاصر برهان حاسم على وجود هذه السنة وفاعليتها.
وأضاف: وثالثا: الانفتاح على تجارب الأمم الأخرى بلا وسوسة ولاكبر وبلا تبعية ولاذوبان في الوقت نفسه فالتجارب البشرية مملوءة بالنفائس والروائع والمجتمعات المسلمة أحوج إلى من تكون لهذه التجارب فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أحرص على ماينفعك واستعن بالله ولا تعجز) وما ينفع لم يحدده النبي ولم يسمه بل تركه لتقدير الأفراد والمجتمعات وهذا من صميم المرونة الدينية الرجحة ثم هو اجتهاد تقدير مرشد بمعايير معينة منها حقائق عقيدة التوحيد والأحكام الشرعية القطعية وأصول الأخلاق ومن حسن حظ المسلمين أن ليس في هذه المعايير مايحرمهم من الاستفادة من تجارب الأمم بل العكس هو الصحيح ففي مجال الأخلاق مثلا أخبر النبي الكريم بأنه جاء متمما لمكارم الأخلاق ومن دلالة الحديث أن مجيء النبي سبق بوجود أخلاق فاضلة ينبغي أن تتمم وهذه الأخلاق توجد عند العرب قبل الإسلام كما توجد في الأمم الأخرى الآن.