قيادة المرأة للسيارة.. حكاية متى تنتهي؟
مجموعة مقالات متعددة

مواطنة تتدرب على قيادة السيارة في إحدى المدارس بدولة الإمارات «أرشيف الرياض»
قيادة السيارة بين تبرؤ
الشورى وفقهاء المبايض والعذرية والتحرش
د. حسناء عبدالعزيز
القنيعير
أصبحت قيادة المرأة
للسيارة ككرة الثلج تكبر مع الأيام دون أن تلوح في الأفق بادرة أمل لمعالجتها،
وأصبحت مؤشراً صادماً على التمييز ضد المرأة لاسيما في عيون الآخرين في الخارج
شرقاً وغرباً، حد التهكم والسخرية واستخدامها ورقة للتقليل من مكانة المرأة
السعودية، التي تسجل خارج الوطن وداخله دلائل على النجاح والإبداع، لكن منعها من
القيادة يظهر كالندوب التي تشوه وجه بلادنا الناصع، ويستغلها أشخاص في دول مجاورة
معظم سكانها لا يكادون يملكون سيارة، لكنهم يجدون في وضعنا الغريب والمتفرد في
العالم فرصة للهجوم علينا، وأكثر من ذلك أن موضوع القيادة بات يحبط ما نبذله من
جهود لإطلاع الآخرين على تميز إنجاز المرأة، لاسيما في عهد الملك عبدالله؛ فعندما
قدمت محاضرة في إيطاليا على هامش احتفال المملكة بمرور ثمانين عاما على العلاقات
السعودية الإيطالية منذ ثلاثة أسابيع، وكان عنوانها المجتمع السعودي في سياق
العولمة والتحديث المرأة السعودية نموذجا، وعلى الرغم من إيرادي نماذج مشرفة
للمرأة السعودية في كل المجالات ونال ذلك استحسان الحضور الكثيف، إلا أن بعضهم
سألني بعد المحاضرة أما زالت المرأة عندكم لا تقود السيارة؟ وكيف تذهب هؤلاء
المبدعات إلى أعمالهن؟ فبمَ عساي أن أجيب؟ هل أقول إنها تقود سيارتها في الخارج
فقط، ولم يحدث أن سجلت ضدها مخالفة تذكر؟ أم أقول إنها تقود شركات ومؤسسات مالية
ضخمة، وفرقا طبية في الداخل، لكنها لا تقود سيارتها، ليس لأنها أقل كفاءة وقدرة من
الرجل الذي يسمح له بذلك في سنوات مبكرة من عمره، بل لأن هناك قوى في الداخل تتربص
بها وتمعن في سد كل المنافذ أمامها، وأن فقهاء الظلام يصرون على جعل القيادة
مخالفة دينية صرفة؟
منذ أشهر عادت قيادة المرأة للسيارة إلى ساحة
النقاش على نحو أكثر جرأة وسخونة، وزاد من إوارها موقف ثلاث سيدات في مجلس الشورى
جرؤن على فتح الملف مجددا بعد أن طوي لدن فتحه من قبل عضو المجلس السابق محمد آل
زلفة، ثلاث من نسوة الشورى المخمليات لم يسترخين انتشاءً ببريق المنصب وميزاته،
ولم يبالين إن كان ما فعلنه سيؤثر على التجديد لهن، نسوة آمنّ بأن وجودهن في
المجلس ليس ترفاً ولا استمتاعاً بمزايا كانت حلماً لدى بعضهم – إن نساء أو رجالا -
ولكنه وفاء للمشروع الإصلاحي الذي يقوده الملك -حفظه الله-، فجاء اختيار النسوة
لتمثيل المرأة في مجلس بقي سنين عدداً حكراً على الرجال - في أكبر صفعة توجه
للمعارضين المتشددين - واستشعار منهن للمسؤولية تجاه نساء الوطن اللاتي يرين فيهن
امتدادا لهن، وقدرة على إيصال أصواتهن ومعاناتهن ومطالبهن للمجلس.
يتصدر هؤلاء جميعاً فقهاء عجزوا عن إيجاد دليل
واحد من القرآن أو السنة يمنع قيادة المرأة، لذا يجنحون لاجتراح آراء شاذة يخرجون
بها عن مقتضيات العقل والفطرة السليمة وحاجة الناس في هذا العصر، ويفتحون بها
أبواباً للفتنة وللإساءة للإسلام
لقد بادرن بإلقاء حجر في البحيرة الراكدة التي
أسنت مياهها لطول ركودها وصار مجرد الاقتراب منها يعد انتهاكاً لحرمات الأخلاق
والشرف والأعراض، وكان الدكتور محمد آل زلفة سباقا إلى ذلك في موقف شجاع لا يختلف
عن موقفهن، فناله من العنت جراء موقفه ما كلنا به عليم.
وقد أسقطت التوصية - كما هو متوقع من المجلس -
فما زلنا نذكر موقفه من تغيير إجازة نهاية الأسبوع، ومن صرف إعانة للعاطلين عن
العمل، وبدل سكن للموظفين، ووضع حد أدنى للراتب التقاعدي، حتى ظن كثير من الناس أن
مهمة المجلس الوقوف ضد مصالحهم - أما مبرر إسقاطها فلأنها حسب الناطق الإعلامي
مخالفة للقواعد المسيِّرة لعمل المجلس، على الرغم من "مسوغات عديدة انطلقت
منها مقدمات التوصية، كان أبرزها الجانب الشرعي الذي يحرّم خلوة الرجل بالمرأة،
وجانب اقتصادي يوضح التحويلات المالية من عمالة أجنبية تتزايد عاماً بعد عام، في
ظل تزايد أعداد النساء العاملات والدعم السياسي لها في عهد الملك عبدالله بفتح
منافذ العمل في الدولة والقطاع الخاص".
هؤلاء يجهضون وبقوة مشروع الملك عبدالله
الإصلاحي، لكن كيف سيكون موقفهم فيما لو صدر قرار بتمكين من تشاء من النسوة قيادة
سيارتها؟ لعلنا ما زلنا نذكر موقفهم من الإجازة الأسبوعية حتى حسمها القرار
السياسي.
وكان الأمر اللافت الهجمة الشرسة التي طالت
السيدات الثلات، تجاوزت لغتها أبسط أدبيات اختلاف الرأي حيث هوجمن ديناً وخلقاً
ووطنية، واتهمن بالسعي إلى إثارة الفتن، وذلك بأصوات عرفت منذ زمن بوقوفها ضد
مشاريع التحديث متذرعة بمخالفتها الدين وتغريب المجتمع، والمثير للسخرية - حسب أحد
الكتاب - أن اثنتين من نساء الشورى المخمليات "تقودان الحملة عبر مواقع
التواصل الاجتماعي وبواسطة إسلاميات حركيات من ثلة الأخوات المسلمات.. بما يوحي
وبوضوح، إلى أي مدى بلغ الحرج بالحركيات اللواتي يتغلب التزامهن الحزبي على
طبيعتهن الانثوية".
وعلى الجانب الآخر يظهرالواقفون بقوة ضد موضوع
القيادة متذرعين بسد الذرائع، ولو استجابت الدولة لهم منذ أزمان لبقي الوطن يتجرع
مرارة التخلف، ولما جرى التحديث على النحو الذي نعيشه، وهم قبل غيرهم يستمتعون
بأهم منجزاته من سيارات فارهة، وقصور باذخة، وتقنيات بالغة الدقة، وقنوات فضائية
ومواقع تواصل تدر عليهم الملايين.
ويتصدر هؤلاء جميعا فقهاء عجزوا عن إيجاد دليل
واحد من القرآن أو السنة يمنع قيادة المرأة، لذا يجنحون لاجتراح آراء شاذة يخرجون
بها عن مقتضيات العقل والفطرة السليمة وحاجة الناس في هذا العصر، ويفتحون بها
أبواباً للفتنة وللإساءة للإسلام، مما يحير العقول ويلجم الألسنة لفرط غرابتها،
كالذين قالوا ذات سبات عقلي - على سبيل المثال لا الحصر- لولا رجال الهيئة لكثر
اللقطاء في الشوارع، وهو الأمر الذي يطعن في أخلاقيات أبناء وبنات هذا الوطن، ولم
يكثر اللقطاء في الدول العربية والخليجية على الرغم من عدم وجود ذلك التنظيم الذي
يسمى هيئة الأمر بالمعروف. بل حتى في أكثر دول الغرب تحررا لم يكثر لقطاؤهم في
الشوارع!
ومن هؤلاء الذي قال: إن قيادة المرأة للسيارة
"يؤثر تلقائياً على المبايض، ويؤثر على دفع الحوض إلى أعلى.. ويأتي أطفالهن
مصابين بنوع من الخلل الإكلينيكي". ومع إيماننا بأن ما قاله تكذبه كل الوقائع
والأحداث المشاهدة، فإن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هنا: كيف عرف هذا وهو ليس
من أهل الاختصاص؟ ثم أليسوا هم أصحاب مقولة من تحدث في غير فنه أتى بالعجب؟ فياله
من عجب! يأتي هذا الرأي الصادم اعتراضا على المطالبة بقيادة السيارة، لكن هذا لا
يبرر استباحة المرأة إلى الحد الذي يخل بكرامتها. كالذي قال إن قيادة السيارة تؤثر
على عفة المرأة وعذريتها. كم نحن بحاجة إلى تنوير مجتمعي يتصدى للآراء الشاذة،
ويحول دون صياغة مبررات لا يصدقها العقل، ولا تستقيم ومنطق العلم ومقتضيات العصر،
وتجعلنا أضحوكة بين الأمم.
وآخر لما علم بعزم النساء على القيادة في العام
الماضي لم يملك إلا الدعاء عليهن بالموت، وكأني به قد حذا حذو الرجل الجاهلي الذي
وأد مولودته تخلصا من العار الذي قد تلحقه به. حيث قال في مقطع صوتي تناقلته الصحف
الألكترونية في الداخل والخارج: "حاولن قبل عشرات السنين لكن الله أحبط كيدهن
ولعل نسبة منهن ماتت ولم تفرح، والآن سيمتن إن شاء الله ولن يفرحن بذلك".
أما أكثرهم فحشا وجرأة وعدم خوف من حساب أو عقاب
- مطمئنا إلى الأدلجة التي يظنها مانعته من الحساب الدنيوي، لكنه لن ينجو من عقاب
الآخرة، جراء دعوته إلى الفتنة والفاحشة، ضد نسوة كل ذنبهن أنهن طالبن بحقهن في
محتمع ذكوري يتخذ الدين ستارا لممارساته القمعية ضدهن – فذلك الذي وصف النساء
اللائي سيقدن السيارات يوم 26 أكتوبر ب "العاهرات" وحرَّض على التحرش
بهن. وقد نشر نعيقه على "تويتر" بقوله: "إذا حصل وقادت بعض النساء
العاهرات في هذا اليوم فأتمنى من الشباب وبخاصة الدرباوية القيام بالواجب".
وهكذا يصبح التحرش سلاحاً جديداً يتخذه المتشددون لمحاربة المرأة، ذلك أنها الورقة
التي يمسكون بها منذ أزمان ويساومون الحكومة عليها، ولا يريدون أن تخرج من تحت
وصايتهم، ولذا فإن القيادة آخر الأوراق الهامة التي يتمسكون بها، والمعركة الحامية
التي يخوضونها، وخسارتها تعد خسارة كبرى لهم، بعدما خسروا معركة عملها في محلات
اللوازم النسائية، إذ لم يتركوا باباً إلا طرقوه، ولا أسلوباً سيئاً إلا اقترفوه
حدّ الشماتة بالأموات(غازي القصيبي رحمه الله)، والدعاء بالموت على من يخالف
توجهاتهم (وزير العمل الحالي). لقد صار الشأن النسوي لفرط عجزنا عن حل مشكلاته
المتشابكة مجالاً للعبث وإرباكاً للمجتمع بفتاوى من هذا النوع. هذا عدا اللغة
البذيئة التي صارت لازمة من لوازم خطابهم الذي يتبرأ منه الدين الذي يدعون
انتسابهم إليه، وما أحسب من يصف بعض نساء بلاده بالعاهرات إلا إنسانا تحرر من كل
التزام ديني وخلقي تجاه أخيه المسلم.فياله من اجتراء!.
تحدث هذه الآراء المتطرفة والعنيفة دوياً هائلاً
ليس في بلادنا بل في العالم قاطبة!
وفيما يتعلق بتلقي الصحف ووكالات الأنباء
والمواقع الإلكترونية هذه الآراء الشاذة، فمنهم من ينسبها لبلادنا منتهزاً الفرصة
للنيل منها، ومنهم من ينسبها للمؤسسة الدينية برمتها، يتضح هذا من العناوين التي
يصُدّر بها الموضوع مثل: السعودية تمنع قيادة المرأة للسيارة لأنها ستزيد البغاء والأفلام
الإباحية والمثلية الجنسية والطلاق ونهاية العفة والعذرية!
وهكذا يفعل المغمورون والحمقى، فلا يعنيهم ما
يسببونه من حرج لبلادنا، لقد تفرعن هؤلاء لأنهم لم يجدوا من يردعهم. أخيرا قيادة
المرأة آتية، ومناطحة الصخر لا توهن إلا المكابرين..
قيادة المرأة للسيارة.. حكاية متى تنتهي؟
د.مشاري بن عبدالله
النعيم
لماذا نقف كثيرا أمام كل حركة اجتماعية تصحيحية
ونحاول أن نضع العراقيل أمامها، ففي نهاية الأمر سوف تقود النساء السيارات وحركة
التغيير الاجتماعية التي تجتاح بلادنا لن يستطيع أن يقف في وجهها أحد لأنها حركة
طبيعية وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء مهما حاول البعض
صرنا نضع علامات زمنية من أجل التعبير عن
الحركات الاجتماعية في بلادنا فيوم 26 أكتوبر الجاري نحن على موعد مع النساء
ليعبرن عن رغبتهن في قيادة السيارات، والحقيقة أنني لا أعلم لماذا نقف كثيرا أمام
كل حركة اجتماعية تصحيحية ونحاول أن نضع العراقيل أمامها، ففي نهاية الأمر سوف
تقود النساء السيارات وحركة التغيير الاجتماعية التي تجتاح بلادنا لن يستطيع أن
يقف في وجهها أحد لأنها حركة طبيعية وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء مهما حاول
البعض. فقد حاول هؤلاء في السابق وحاربوا التلفزيون ولم يفلحوا وضربوا الصحون
الفضائية بالبنادق ولم يتوقف أحد عن استقبال القنوات الفضائية بل انني صرت أسمع
حكايات مضحكة حول معارضي هذه القنوات في الماضي فهم اليوم في حرج من أن يعلم الناس
أنهم يستقبلون هذه القنوات في بيوتهم، فصاروا يضعون صحون الاستقبال بالخفية بل ان
بعضهم صار يضعها في بيت الجيران حتى لا يتهمه أحد بالردة. من الواضح أن البعض
ينطلق من قناعات وهو مستمر على هذه القناعات، ونقدر له مواقفه، لكن الغالبية
العظمى هم مجرد "إمعات" يحرمون ويحللون حسب المناخ السائد وحسب مصالهم
الشخصية ولا مانع أن تتبدل آراؤهم بعد حين إذا ما تغير المناخ وتبدلت الحال.
لقد أمضيت أيام العيد ولا حديث للمجالس إلا
قيادة المرأة للسيارة وموقف مجلس الشورى ورئيسه الذي يرى أن مناقشة هذا الأمر هو
تضييع لوقت مجلس الشورى، والحقيقية أنني أرى أن وقت مجلس الشورى كله ضائع أصلا لأن
مستوى الحوار وطرح القضايا بعيد جدا عن المشاكل الأساسية التي تعاني منها بلادنا،
لذلك فأنا شخصيا لم أستغرب موقف رئيس مجلس الشورى ولم أتوقف عنده كثيرا، لأني أصلا
لا أتابع ما يطرحه المجلس فهو غير مؤثر ولا يستطيع أن يحدث أي تغيير حقيقي. حديث
المجالس كان منقسما على نفسه، وهو انقسام طبيعي فهناك المؤيد وهناك المعارض وكان
موقف المعارضين هو أن المجتمع السعودي وبالأخص الشباب غير جاهز لمثل هذا التحول
وبعض هؤلاء المعارضين صار يتحدث عن الذئاب البشرية وعن ضعف المرأة وكأننا في غابة
أو في بلد ليس فيها قانون ولا نظام ولا سلطة تنفيذية. قلت لهم انني طوال حياتي
وأنا أرى الشباب السعودي يسافر إلى جميع أنحاء العالم ولم أسمع بحوادث تحرش قام
بها هؤلاء الشباب فلماذا يتركون كل بنات العالم ويتحرشون ببنات بلدهم، هذه حجة
واهية وأنا على يقين أننا سوف نندهش من أن شبابنا أكثر أدبا مما يتخيلون وأنه حتى
لو حدثت بعض الحوادث سوف تكون محدودة في البداية وبعد ذلك سوف تختفي. وذكرتهم
ببداية التصوير بجهاز الجوال وكيف أنهم صوروا الوضع على أنه "انهيار
أخلاقي" واجتماعي وأن عورتنا سوف تنشر على الشبكة العنكبوتية فهل نسمع الآن
أحدا يتحدث عن التصوير أو أحدا يهتم به.
كل ممنوع مرغوب، هذا ما نسمعه دائما، فعندما
تمنع التصوير يصبح له قيمة وعندما تمنع قيادة المرأة للسيارة تصبح لها قيمة
فالمجتمعات لديها القدرة على "تضخيم" الظواهر العادية وجعلها محط
الاهتمام فتحظى بتركيز العامة فتصبح ظواهر كبيرة ومهمة لكن عندما يهمل المجتمع هذه
الظواهر أو يعتبرها جزءا من الحياة اليومية تتراجع قيمتها وتفقد تركيزها وأهميتها
وتأخذ وضعها الحقيقي. ما أود التأكيد عليه هو أن المجتمع هو الذي يصنع
"بؤر" التركيز وإشكالية قيادة المرأة لدينا أصبحت أهم هذه البؤر التي
تستهلك فكرنا وطاقتنا وصارت تعقد لها الندوات وتحدد لها المناسبات التي ستعبر فيها
المرأة عن رأيها وستخرج للشارع، وصارت مقاطع "اليوتيوب" التي تصور
نساءنا وهن يقدن السيارات في شوارع الرياض وجدة والدمام وباقي مناطق المملكة
الأكثر مشاهدة، وكأن الأمر عظيم وخطير، وباقي العالم يتفرج علينا مبتسما ويقول
"اين الموضوع"؟ "ما هي المشكلة"؟ جميع المجتمعات تجاوزت هذه
القضية منذ عقود ونحن مازلنا نلت ونعجن فيها حتى راحت "خميرتها".
المشكلة هي أن المعارضين لقيادة المرأة لا
يعرفون على وجه الدقة لماذا هم يعارضون هذا الأمر ويبدو أنهم يقولون لأنفسهم
"لقد وجدنا آباءنا وأجدادنا على ذلك وإنا على آثارهم ماضون" وأعتقد أنهم
يرفضون التغيير لمجرد الخوف من التغيير. لقد قلت لهم ان حركة التغيير في المجتمعات
لا تتوقف ولا يستطيع أحد أن يوقفها و "إن الله غالب على أمره" ومهما
حاولتم فسيحدث ما لا ترغبون فيه سواء هذا العام أو بعد أعوام.
ذكرتهم بمقال كتبته قبل حوالي ثماني سنوات في
هذه الصحيفة حول قيادة المرأة للسيارات (العدد 13494، 27 ربيع الآخر 1426ه)،
وتناولت أهمية أن تحظى المرأة بنفس التجارب التي يحظى بها الرجل، وإلا كيف يمكن أن
نعتمد عليها في بناء اقتصادنا الوطني، وقيادة السيارة هي جزء من
"التجارب" المهمة أو ما نسميه Exposure أي مدى تعرض الإنسان
لتجارب الحياة ومن الضروري أن يكون للمرأة خبراتها الشخصية التي تؤهلها لمواجهة
ظروف الحياة. لذلك عندما تصل نسبة البطالة بين النساء إلى 90% من نسبة العاطلين عن
العمل في المملكة فهذا أمر طبيعي، لأننا نحارب "تجارب المرأة" ونقلل من
قدرتها على الحركة ونقيدها ونطلب منها أن تكون أمّاً صالحة وزوجة مطيعة وشريكة في
نفقات الحياة. أعتقد أننا نحتاج نساء "سوبر" حتى تتلاءم مع مواصفاتنا
وطلباتنا. ما أعتقده هو أننا أمام معضلة كبيرة ليس لها حل إلا من خلال استمرار
الضغط الاجتماعي فالقرار سينشأ من هذا الضغط والإرادة الاجتماعية سوف تتغلب على ما
سواها لأنها هي الإرادة الحقيقية التي تعبر عن حاجة الناس وتطلعاتهم لا مجرد رغبات
ووساوس البعض.
طيري يا طيارة طيري!!
عبدالله باخشوين
أتجرأ وأقول إنني ضد
قيادة المرأة للسيارة.
أبداً هكذا لأنني أعرف سيدات ورجال.. لا هم سوى
التحدث عن التخلف الذي نحن فيه.. لأن المرأة لا تقود السيارة. ولو قلنا حاضر.. سوف
تقود المرأة سيارتها غداً.. فماذا يجب أن نفعل.
أولاً: لابد أن يكون لدى وزارة الداخلية جهاز
نسوي متكامل لهذا الغرض، فإذا كنا قد بدأنا الاحتجاج على «الهوية» وكيف يتم تصوير
المرأة ومن يقوم بذلك.. ومن ينهي كافة إجراءات استخراج هويتها.. وثم حل هذه
«المعضلة» للضرورة فإن الأمر يبدو مختلفاً في حال قيادة السيارة.
لأن هناك معضلات كثيرة يجب حلها أولاً بالنسبة
ل«المتزمتين» من الناس، وبالنسبة لوزارة الداخلية. فمن الذي سوف يختبر المرأة
لاستخراج رخصة قيادة.. أو أننا سوف نكتفي بأن نجعل البنات أو النساء اللواتي حصلن
على إجازة سوق من خارج المملكة هن اللواتي يقدن السيارات.
وفي حال وجود حوادث ومخالفات من الذي سوف يتولى
مهمة الرصد والتحقيق وما إلى ذلك.
هل على وزارة الداخلية إنشاء جهاز نسائي معادل
للجهاز الرجال.. وكم سيكلف ذلك بدءاً من التدريب حتى الشروع في الأداء.. أم أننا
سوف نقبل بالوضع الحالي للبت في مثل هذه الاشكالات.
وبما أن بلادنا «قارة» فأين يمكن أن تقود المرأة
ومتى، لأنه لا يمكن تركها تقود في أي مكان وفي كل الأوقات.. لأنك تحتاج إلى أجهزة
رصد ومتابعة.
وخلونا نكون صرحاء شوية..
هل الرجال الذين يقودون حالياً.. يقودون بأمان
من كل الشرور؟!.. إذا كان الجواب نعم.. فما هي الحكاية؟!.
أين نضع المعاكسات.. ومهام هيئة الأمر
بالمعروف.. وأين نضع رؤوسنا إزاء كل ما يمكن أن يحدث؟!.
الحل برأيي.. هو السماح للمرأة بالقيادة خلال
ساعات النهار مع سن قوانين صارمة للمخالفات سواء أمن المعاكسات أو من تتجاوز الوقت
المحدد.. على أن يتم الأمر على «دفعات» من خلال اختيار المدن والأماكن التي يمكن
أن يتم فيها هذا بأقل الأضرار.
قيادة المرأة السيارة.. وصلت إلى آخر الطريق.. حيث الضوء
د.هتون أجواد الفاسي
عشرات إن لم تكن مئات
المقالات والتحقيقات التي أخذت تنهمر في صحافتنا المحلية تتناول قضية الساعة،
قيادة المرأة للسيارة في البلد الوحيد في العالم الذي يمنعها منه بكل أشكال الحجج
الفجة، الدينية: الشرع لم يحلل، سد الذرائع، إفساد النساء، الهجمة التغريبية.
العلمية: تؤثر على مبايض المرأة وقدرتها الإنجابية، تؤثر على غشاء البكارة فتفقده
بالقيادة. السياسية: دعوة للثورة والتظاهر. ثم الحجج السوقية والقذفية والاتهامية
والتخوينية إلخ مما ابتلي به مجتمعنا منذ عرف فضاء الانترنت وقدرته على التخفي
وراء اسم مستعار للتنفيس عن كل العقد والأمراض النفسية والعنصرية والفوقية على كل
من يخالفه ويكرهه ويحتقره آمناً من العقاب والفضيحة.
اليوم تأتي قضية قيادة المرأة للسيارة والتي لن
أضيف إليها الكثير مما سبق وقيل خلال اليومين الماضيين فقط، ولكن لا يمكنني إلا
وأن أدلي بدلوي لاسيما في ظل تسامح الصحافة هذه الأيام وارتفاع سقفها (ما شاء الله
من غير حسد).
أرى أن من الضروري الوقوف عند توصية الشوريات
الفاضلات الدكتورات هيا المنيع، لطيفة الشعلان ومنى آل مشيط يوم الثلاثاء الموافق
3/12/1434ه (8 اكتوبر 2013م) في جلسة مجلس الشورى العادية الثامنة والأربعين التي
عقدت يوم تقرير لجنة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بشأن تقرير الأداء السنوي
لوزارة النقل للعام المالي
1433/1434
1433/1434 ه. فقد قامت الدكتورة هيا المنيع، بكل هدوء وحرفية، بتقديم توصية باسم
ثلاثة من عضوات المجلس، بخصوص فشل وقصور وزارة النقل في توفير وسيلة المواصلات
العامة الآمنة والميسرة للمرأة تغنيها عن منع قيادة السيارة، وأنه بالتالي آن
الأوان للسماح الرسمي بقيادة المرأة للسيارة التي لا يمنعها أي مانع نظامي وفق
نظام المرور. وقد أرفقت هذه التوصية المدروسة بتأن، بدراسة تفصل المسوغات الشرعية والنظامية
والحقوقية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية الموجبة لقيادة المرأة للسيارة قدمتها
العضوات الثلاثة مكتوبة إلى لجنة النقل لاتخاذ اللازم بشأنها، فإما أن تتبناها
وإما أن ترفضها، وفي هذه الحال إما أن تطلب سحب التوصية، وهو ما لن تقبل به
الشوريات، أو أن تُعاد إلى المجلس للمناقشة والتصويت عليها، وهو المتوقع حدوثه بعد
العيد وبعد أن تأخذ التوصية دورتها النظامية.
الغريب في الأمر أنه بعد يومين من الجلسة ومن
البيان الصحفي الروتيني الذي يلي كل جلسة، إذ بالمتحدث الرسمي باسم المجلس يخرج
بتصريح مناقض لما جرى في المجلس ولآلية اتخاذ القرار فيه فضلاً عما يحمله من شبه
تكذيب للشوريات وتقليل من شأنهن وشأن توصيتهن بدعوى أنها خارجة عن مسؤوليات موضوع
التقرير وهي وزارة النقل. وكان الأنكى جملة الدكتور محمدالمهنا: "إن ما رأته
العضو من تقديم توصية إضافية بشأن ما طرحته لا يعتد به كونه مخالفاً لقواعد عمل
المجلس في مادته الحادية والثلاثين"، وهي المادة التي تعنى بضرورة علاقة
التوصية بالموضوع المناقَش. أي أن عضوة مجلس الشورى لا تعرف، وبعد مرور تسعة شهور
من انتظام عملهن في المجلس، ما هي قواعد العمل فيه.
إن تصريح مجلس الشورى المتأخر يشير إلى تخبط دار
ويدور في كواليس الشورى في غياب العضوات والأعضاء مما يعتبر في جميع الأحوال، غير
نظامي وينم عن كسر لقواعد عمل المجلس وعودة إلى عصر الزجاج المثلج.
ثم كيف لا يتصل موضوع منع المرأة من قيادة
السيارة بمهام وزارة النقل التي لا توفر البديل لحل أزمة حركة المرأة في المدن؟ من
هي الجهة المعنية في هذه الحال؟ وزارة الداخلية؟ ربما أنها شريك، لكن تقرير هذه
الوزارة لا يُعرض على المجلس سوية مع جهات مثل الحرس الوطني أو وزارة المالية. فهل
دور المجلس مساندة الوزارات والقطاعات بالتنصل من مسؤولياتها لمجرد أن الموضوع
أصاب بعض الأعضاء أو أقربائهم بالحساسية؟
على الرغم من أن أعضاء وعضوات مجلس الشورى ليسوا
ولسن منتخبين ومنتخبات إلا أننا ارتضيناهن ممثلات لنا ومبلغات لصوتنا وقد كن عند
حسن ظن القيادة التي أحسنت اختيارهن، وعند حسن ظن المرأة السعودية، أو على الأقل،
نسبة كبيرة منهن (حتى لا تعترض معترضة). ومن المعيب الخروج في الإعلام وفي غيابهن
للطعن في معرفتهن أو التزامهن بالنظام أو قدرتهن على التمييز بين ما له صلة
بالموضوع وما لا صلة له، مما فيه من لمز لهن. نظامياً، وصلت التوصية إلى المجلس
وإلى لجنة النقل كتابياً ووثقت على هذا الأساس، فلم يبق على مجلس الشورى وقد وضع
نفسه في هذا المأزق القانوني والأدبي إلا أن يخلص نفسه بالاعتذار الرسمي وعلى
الملأ، وبترك التوصية تسير بطريقتها النظامية.
قيادة المرأة للسيارة ينتهي البت فيها بمجرد أن
تكون اختياراً، وهو بالطبع البديهي في كل المطالبات السابقة، لكنها في مطالبة
اليوم التي ترمز لنفسها بقيادة 26 أكتوبر أخذت صورة أكثر وضوحاً، القيادة اختيار
وليست إجباراً، تضاف إلى كل المسوغات التي ساقتها عضوات مجلس الشورى تحت قبة
المجلس ولن أسوق المزيد مما هو معروف.
لكني أزيد بأننا لن نسكت عن حقنا في مطالبة
وزارة المالية بتعويض كل نساء المملكة وبأثر رجعي عن بدل المواصلات الذي ينبغي أن
يغطي راتب سائق ورسوم استقدامه وإعاشته وإسكانه ورخصته وإقامته وتأمينه الصحي
وحوادثه وتحرشه وابتزازه واستغلاله، لتضاف إلى الست مئة ريال التي لا تسمن ولا
تغني من جوع.
المؤشرات على حدوث تغير هذه الأيام كثيرة منها
التصريحات الإيجابية من عدد من المسؤولين منهم مدير عام المرور وغيره من القيادات،
ومنها السقف غير المسبوق في التعاطي مع موضوع القيادة في الصحافة المحلية والقنوات
الفضائية، وإخلاء سبيل عدد من النساء اللاتي قدن السيارة في مناطق متفرقة من
المملكة بدون حيثيات، وصول القضية إلى مجلس الشورى وعلى يد شورياتنا الفاضلات
مشكورات، وقبل ذلك أن خادم الحرمين الشريفين أمر بدخول المرأة مجلس الشورى
والمجالس البلدية، أي ما هو أعظم من مجرد قيادة مركبة تقودها النساء في كل مدينة
وقرية في العالم فضلاً عن باديتنا. فماذا بقي؟
ما يمكن أن أختم به هو كفانا هدراً لوقتنا
وجهدنا وحبرنا ومالنا وعمرنا.
المشاركون: معاقبة المتهورين، حجاب شرعي، 25 عاماً، موظفة، الأجانب أولاً، تدريجي في المناطق
ماذا تقترح على «مسودة قرار» السماح للمرأة بقيادة
السيارة؟
مواطنة تتدرب على قيادة السيارة في إحدى المدارس بدولة الإمارات «أرشيف الرياض»
جدة، تحقيق- منى
الحيدري
لم تَعُد قيادة المرأة
للسيارة مجرَّد قضيَّةً يتناولها البعض بشيء من الفرديَّة المُمتزجة بالصلف
والتشدُّد، بل إنَّ هناك من يرى أنَّها باتت قضيَّةً تستأثر بجزء كبير من اهتمام
المجتمع بأكمله، وضرورةً مُلحة فرضها الواقع الحالي الذي أصبح فيه العديد من أفراد
المجتمع ينظرون للمرأة بنظرة واعية ومغايرة عن تلك النظرة القاصرة؛ فالقضية إذن
"قضية مجتمع" تغيَّرت أفكاره ووجهات نظره نحو المرأة التي تسنَّمت في
الفترة الأخيرة العديد من المناصب الهامة، وأصبحت شريكاً حقيقياً في التنمية.
ويُعدُّ قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة،
قراراً اجتماعياً ليس له علاقة بتدخُّل الجهات الرسميَّة لإقراره، حيث أكَّد خادم
الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –حفظه الله- في حديث سابق أنَّ
القرار قرار اجتماعي، وأنَّ دور الدولة هو توفير المناخ لأيّ قرار يراه المجتمع
مناسباً، وبما ينسجم مع مبادئ الشريعة الإسلامية وتعاليمها التي قامت عليها
الدولة.
قيادة المرأة للسيارة لم تعد خياراً وإنما ضرورة وحق مكتسب
وتطرح العديد من النساء تساؤلاً مفاده: أما آن
لامرأة بهذا المستوى العلمي والفكري أن تهجر المقعد الخلفي للسيّارة، الذي ظلت
مُخلصةً له سنوات عديدة، خاصَّة أنَّه لا يوجد نص ديني أو مانع شرعي يحول بينها
وبين الامساك بمقود سيارتها، في ظل التزامها بحجابها الشرعي والتزامها التام بالذوق
العام فيما يتعلَّق بمظهرها الخارجي؟.
ولعل ما يدعم هذا التوجُّه النسائي هو ذلك
الخطاب الذي تمَّ رفعه من قبل لجنة حقوق الإنسان والعرائض بمجلس الشورى -في وقت
سابق- إلى رئيس المجلس للمطالبة بمناقشة السماح للمرأة بقيادة السيارة وفق الضوابط
الشرعية والوطنية، والتعليمات المُقترحة في هذا الخصوص.
عبير المسروج
وبعيداً عن فكرة الرفض والقبول، فإنَّ هناك
تساؤلاً -وهو الجديد في طرح هذا الموضوع- مفاده: ماذا تقترح على مسودة قرار السماح
للمرأة بقياد السيارة؟، وقد جاءت الآراء متنوعة، وخرجنا بالحصيلة التالية:
معاقبة المتهورين
في البداية رأى "م. هتان سعيد" ضرورة
إيجاد قرارات صارمة وعقوبات رادعة بحق أولئك الشباب الذين يلاحقون المرأة عند
قيادتها لسيارتها، مُضيفاً أنَّ تجربة قيادة المرأة للسيارة ستكشف العديد من
الأمور السلبيَّة والايجابيَّة التي من الممكن أن تدعم ذلك، داعياً إلى إيجاد
الحلول المُناسبة لمعالجة جوانب الخلل -إن وُجدت-، عبر دراسات ميدانيَّة واقعيَّة،
مُشيراً إلى أنَّ ذلك سيمنح هذه التجربة بُعداً أكبر في سبيل تحقيق هذا الحلم الذي
طال انتظار النساء لتحقيقه على أرض الواقع.
سلطان الحيدري
حجاب شرعي
وبيَّن "سلطان الحيدري" -مساعد رئيس
العمليات بميناء جدة الإسلامي- أنَّه من الأهمية بمكان ضرورة الإفادة من تجربة
الدول القريبة من مجتمعنا في هذا المجال، مُشدِّداً على ضرورة التزام النساء
بالحجاب الشرعي أثناء القيادة، داعياً إلى افتتاح أكاديمية مهنيَّة لتعليم النساء
قيادة السيَّارات، مُقترحاً تحديد مواعيد مُعينة لقيادة النساء يُراعى فيها أوقات
الذروة، على أن تُمنع المرأة من قيادة سيارتها في الساعات المُتأخرة من الليل،
إلاَّ إذا دعت الحاجة لذلك، مع الأخذ بالاعتبار طبيعة عملها، ومن ذلك أن تكون
"طبيبة" تستدعي الضرورة خروجها إلى العمل في أوقات مختلفة.
م. علي بخيت
رخصة قيادة
واقترح "أحمد الزهراني" إنشاء جهة
مسؤولة عن ضبط أيَّ مخالفات تصدر من الجنسين، سواءً المرأة التي تقود السيَّارة،
أو من يحاول مضايقتها من الرجال، داعياً إلى عدم تمكين المرأة من القيادة إلاَّ
بعد تجاوزها سلسلةً من الاختبارات المروريَّة التي تؤهلها للحصول على رخصة قيادة،
إلى جانب تحديد أوقات مُعيَّنة للقيادة، على أن تُحرَّر بحقها مُخالفةً مروريَّة
في حال عدم التزامها بالقيادة في الأوقات المُحدَّدة سلفاً.
وأيَّده في ذلك "إبراهيم الغانمي"،
حيث أكَّد على ضرورة تثقيف المجتمع عبر وسائل الإعلام المختلفة، وذلك ببث رسائل
ذات مضامين مختصرة وهادفة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية، إلى جانب تزويدهم
بنصائح تربوية، وذلك لتوضيح أهميَّة القيادة بالنسبة للمرأة، داعياً إلى إنشاء
مدارس خاصة بالنساء لتعليمهن القيادة، مُشيراً إلى ضرورة تحديد سن مُعيَّن لقيادة
المرأة للسيَّارة، على أن يتراوح بين (35) – (55) سنة.
سن القيادة
وأشارت "أم راكان" -ربَّة منزل- إلى
ضرورة أن يتم السماح للفتاة بقيادة السيارة ابتداءً من سن (25) عاماً، مُضيفةً
أنَّ الفتاة في هذه المرحلة تبدأ في ممارسة مهامها الوظيفيَّة وتكون مسؤولةً عن
نفسها بشكل تام، وبالتالي فهي بحاجة إلى وسيلة مواصلات تُمكنها من الذهاب إلى
عملها والعودة منه، مُشدِّدةً على ضرورة التزام الفتاة بالحجاب الشرعي ومراعاة
الذوق العام فيما يتعلَّق بمظهرها الخارجي؛ حتى لا تتعرَّض لمضايقات من المحيطين
بها، لافتةً إلى أهميَّة تطبيق العقوبات الرادعة بحق من يحاول تجاوز حدود الأدب
معها، وذلك من قبل جهاز المرور، الذي تقترح أن يكون من الرجال، مُوضحةً أنَّ
استحداث وظائف نسائيَّة للعمل في المرور سيُعطِّل تنفيذ قرار قيادة المرأة
للسيارة، مؤكِّدة على أنَّ تجاوب المجتمع وتأقلمه مع قيادة المرأة للسيَّارة يجب
ألاَّ يتحوَّل إلى هاجس، بل إنَّه يجب أن يبدأ من داخل كل بيت تعيش فيه امرأة،
ذاكرةً أنَّ المخاوف التي لدى البعض في هذا الجانب ستزول بمُجرَّد اعتيادهم رؤية
المرأة وهي تبحث عن موقف لسيارتها، أو وهي تنتظر إضاءة الإشارة الخضراء لتُكمل
طريقها عودتها إلى منزلها أو جهة عملها.
الأجانب أولاً
وقالت "إيمان بكر يونس" -إعلاميَّة،
ومنتجة أفلام وثائقيَّة-:"يعدُّ خوف المجتمع وحرصه على المرأة من الأمور
المحمودة، بيد أنَّ قيادة المرأة للسيَّارة يجب ألاَّ تتحوَّل إلى هاجس لديه،
خاصَّةً أنَّ قيادة المرأة للسيارة أصبحت من الضروريات المُلحَّة، التي فرضها
إيقاع الحياة المُتسارع"، مُضيفةً أنَّ قيادتها للسيارة ستجنبها دفع راتب
السائق، وتجد نفسها مُضطرَّة لإسعاف أحد أبنائها أو زوجها عند تعرّضهم لعارضٍ
صحِّي ما، مُقترحةً أن تبدأ الخطوة الأولى في هذا الجانب بالسماح للنساء غير السعوديَّات
المُقيمات في المملكة بالقيادة إلى أن يعتاد أفراد المجتمع على رؤية المرأة تقود
سيَّارتها على الطريق، لافتةً إلى أنَّ ذلك سيُهيئ الفرصة للإفادة من تجربتهن في
التعامل مع بعض المواقف الطارئة التي يتعرَّضن لها في الطرقات، ومن ذلك وجود
الأعطال في السيَّارة، أو الحوادث المروريَّة أو المُضايقات، وغيرها.
وأضافت أنَّه من الضروري أن يتزامن إصدار القرار
مع سن تشريعات وعقوبات رادعة بحق المُخالفين مِمَّن يثبت مُضايقتهم للنساء أثناء
القيادة، وذلك بحسب ما تراه الجهات المعنيَّة، مُؤكِّدة على أنَّ العديد من الشباب
لن يُعرضوا أنفسهم للعقاب؛ نتيجة الوعي الكبير الذي أصبحوا عليه، مُشيرةً إلى أنَّ
العديد منهم يسافرون إلى الخارج كل عام ويرون بأعينهم معظم النساء في تلك البلدان
وهُنَّ يقدن سياراتهنَّ بأنفسهن، ومع ذلك فإنَّه لم يصدر منهم أيَّ تصرف خارج حدود
الأدب، مُقترحةً منح رخصة القيادة لمن بلغت سن ال (25) عاماً، إلى جانب منع
القيادة بعد منتصف الليل إلاَّ للضرورة القصوى.
تكون موظفة
وأوضحت "عبير المسروج" -صيدلانيَّة-
أنَّها تعاني بشكل يومي في سبيل الحصول على وسيلة نقل إلى جهة عملها، مُضيفةً أنَّ
قيادة المرأة لسيَّارتها ستخلصها من ذلك الحرج، داعيةً إلى وضع بعض الاشتراطات
التي من شأنها السماح للمرأة بالحصول على رخصة قيادة، ومنها أن تكون موظفة، وألاَّ
تقود سيارتها بعيداً عن حدود مدينتها وعلى الطرق الطويلة، لافتةً إلى أنَّ فكرة
إنشاء الشرطة النسائية قد لا يكتب لها النجاح؛ وذلك لأنَّ المخاوف من تعرُّض
المرأة للمُعاكسات والمُضايقات من جانب بعض الشباب غير واقعيَّة بتاتاً، مُشيرةً
إلى أنَّها عندما تقود سيارتها ستكون في أمانٍ تام، فالأبواب والنوافذ مُغلقة، كما
أنَّها ستسير بها داخل حدود المدينة، وبالتالي فهي تعتقد أن لا أحد سيجرؤ على
الاقتراب منها أو مُضايقتها.
تدريجي في المناطق
وأكَّد "م. علي بخيت" -موظف بالبريد
السعودي- على أنَّ إصدار قرار قيادة المرأة للسيارة يجب أن يتم بشكل تدريجي، إلى
جانب وضع بعض الضوابط المُنظِّمة، مُقترحاً أن يتم البدء بالسماح لمن لا تقل
أعمارهن عن (25) عاماً بالقيادة، والسماح بالقيادة في المناطق الرئيسة من المملكة،
مثل: جدة والرياض والشرقية، وذلك حتى يألف المجتمع ذلك قبل أن يتم السماح بالقيادة
في بقيَّة المناطق، لافتاً إلى أنَّ وجود بعض المخالفات أو التجاوزات يعدُّ أمراً
طبيعياً سيتم تلافيه مُستقبلاً، ذاكراً أنَّ هناك نظرةً قاصرةً لدى البعض نحو
تعامل المرأة مع المواقف الطارئة، مثل: الأعطال والحوادث المروريَّة، رُغم أنَّ
العديد من النساء حققن نجاحات في هذا الجانب، فكثيراً ما تتم مشاهدتها برفقة
سائقها الخاص ترشده إلى الطريق، أو تعمل على تهدئته في حال تعرّضه لحادث سير، أو
تتحدَّث مع رجل المرور إذا استدعت الضرورة ذلك.
تجربة خاصة
ورأت "نهى محمد الدخيل" -طالبة
مُبتعثة- أنَّ إصدار قرار قيادة المرأة للسيَّارة بدون مُقدِّمات سيجعل منه أمراً
حاسماً ومُلزماً للجميع، مُضيفةً أنَّ العديد من أفراد المجتمع سيعتادون مع مرور
الوقت على رؤية المرأة وهي تقود سيَّارتها، أو وهي تبحث عن موقف لها في موقف
للسيَّارات أمام أحد المُجمَّعات التجاريَّة، مُشدِّدةً على عدم منح المرأة رخصة
قيادة حتى تجتاز جُملةً من الاختبارات العملية والنظريَّة، إلى جانب الإلمام
بالقواعد والأنظمة المرورية، مُشيرةً إلى أنَّها تقود سيَّارتها الخاصة أثناء
وجودها خارج المملكة لمدة تجاوزت خمسة أعوام، لافتةً إلى أنَّ ذلك أعانها بشكل
كبير على تحمُّل العديد من الأعباء اليوميَّة، خاصةً أنَّ زوجها مبتعث معها
للدراسة، مُبيِّنةً أنَّ تقاسمهما المهام خفَّف كثيراً من وطأة الأعباء عليهما.
قيادة السيارة.. فلسفة «قرار مجتمع»
حصة بنت محمد آل شيخ
في مقال سابق
عنوانه"مدونة الأسرة وسيداو.. ترادف حقوقي" وجهتُ لوزير العدل سؤالين
إثر تصريحه أمام رئيس اتحاد المحامين الأوروبيين في لكسمبورغ بأن "القضاء
السعودي يحترم الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية، وأن القضاء في المملكة
يعد أكبر حامٍ للحقوق والحريات".. وككل امرأة تسمع هذا الكلام وتعايش ما يقع
على النساء من ظلم وإجحاف متكررين، طالبت معاليه أن يوضح لنا حقوق المرأة في
القضاء إذا طالبت بتنفيذ المعاهدات الدولية خاصة سيداو ورفض القاضي، وما هي
الإجراءات والتدابير التي فرضتها وزارة العدل لاحترام تطبيق المواثيق الدولية من
قبل القضاة؟
لكنه لم يرد على أسئلتي، ربما يعذر لمشغولياته،
أو لأن المقال لم يصدّر بعنوان موجه لمعاليه صراحة، وهو ما يلجأ له أحياناً بعض
الكتاب لإيصال رسالتهم مباشرة للمسؤول، ولأنني أهتم بمعالجة موضوع الحقوق فكرياً
يأتي أمر المسؤولين في خضم المعالجة لا كصدارة عنوان.. فمهمتي تختص بتفكيك علاقات
الفكر والرؤى، واضحها ومبهمها، من ارتهانها للأدلجة وترسخها في اللاوعي..
وأعتقد أن المقالات المتعلقة بالحقوق مسؤولية
عدلية أيضاً تلهم بضرورة الاهتمام والمتابعة من الوزارات المعنية.
سُئِل وزير العدل أيضاً في لكسمبورغ، وأظنه
يُسأَل ذات السؤال في كل بلاد الدنيا، سوانا، لماذا تُمنَع المرأة في السعودية من
قيادة السيارة؟
فرد بالمقولة المكررة"إنه قرار مجتمع"
وأكده مفصلاً في لقائه مع قناة العربية بقوله"لا نص دستوريا، ولا تنظيميا
يمنع المرأة بهذا الخصوص، لكن هذا الأمر يتعلق بإرادة المجتمع ورغبته، وإذا كان له
تحفظ فالأمر إليه من قبل ومن بعد، ولا يفرض على المجتمع فيما يراه أي إرادة
أخرى"
عبارة "قرار مجتمع" تعجز- كإنسان- عن
كشف أستارها وملابساتها، فهي فلسفة عدمية مهما أطلتَ التأمل بها تمعناً وتفكرا،
كونها تقف عند حدود اللفظ دون أي تفعيل إجرائي يتم بموجبه تقنين ينظم ويتابع
التطبيق، ليصبح متداولاً- على سبيل الإتاحة الحرة- للقبول أو الرفض.. فالحق
والحرية صنوان مرتبطان في تنظيم المجتمعات، لا يصح أن يرتبطا بمصطلح هلامي لايقبل
التنظيم والتفعيل، ولا يفسح مجال الاختيار بالأخذ أو الترك.
كلما أعيد حق قيادة المرأة للسيارة للتداول حضر
هذا المصطلح المكرور بغموضه العائم ليوفر خدمة تأجيل الحق المؤجل بلا حق، يستخدمه
المسؤولون دفعاً للإحراج في خارج البلاد..أما في الداخل فبمثابة عبارة راجمة بغيب
هلامي المفهوم والمعطى والأثر!
السؤال المبادر عند سماع هذا المصطلح هو: كيف
يقاس قرار مجتمع؟، هل مثلاً عندما تقود إحدى النساء السيارة يجب أن يرضى كل
المجتمع، أي أن حرية الفرد ستصادر انتظاراً لسماح المجتمع بممارسة الفرد حقه؟!
إن حملت هذا المعنى فالمجتمع مجرد كيان استبدادي
يصادر حريات الأفراد الخاصة، وإن جاءت لفسح المجال لرغبة الأفراد الذين يمثلون في
النهاية رغبة مجتمع فتنال القيادة من رغبت بها وتتركها من لا تريد، فشأن مفارق
تماماً...أظنها عبارة توجهها النوايا؛ إحداها: مصطلح تعجيزي يحجم قرارات الأفراد
ويصادر حرياتهم، وأخرى توحي بانطباع يساند الحقوق ويغلب سيادة الحريات العامة.
الأولى تستخدم داخلياً، والأخرى تستهلك خارجياً.
وباستقراء القرارات الماضية تاريخياً؛ فالقرار
الذي رُشِّد كاستجابة لرغبة المجتمع وتقدير حريات أفراده يمثله قرار فتح مدارس
البنات الذي طبق بناء على احترام قناعة الأفراد بدون تداخل مع حرياتهم، فكوَّن
حماية تامة لمن أراد الاستفادة من حق التعليم، بالبدء فعلياً بتهيئة الظروف
لتوفيره وتفعيله، وحمايته بردع كل محاولة لمصادرة حق الراغبين فيه، يبدو أن مجال
قيادة السيارة له تحفظات ثقافية أكثر مشقة وتأزماً مع حقوق المرأة المدنية
وحريتها..
فالبعد الحقيقي لمنع قيادة المرأة للسيارة أصله
اجتماعي يبخس المرأة إنسانيتها المستحقة ويحيطها بكل الموبقات"الشك أولاً
بها، والصورة المرسومة لها كناقصة، ثم السائد المروع المستفز للأمن الجنسي المتمثل
للنظرة لها كعورة"
وما استخدام الديني فيها إلا من باب النقص
الموهوم الذي يؤجج سوق الذرائع المسدودة في وجه المرأة، المفتوحة على مصراعيها
للرجل، ولقد وجدت ضالتي في كتاب "السادس من نوفمبر" الذي يؤرخ بالوثائق
والأحداث لقيام مجموعة من السيدات بقيادة سياراتهن قبل أكثر من عشرين عاماً، ويطرح
حقائق مصاحبة وسابقة وتالية للحدث، منها ممارسة القذف الصريح لنساء عفيفات مارسن
حقاً مشروعاً "لايوجد نص دستوري يمنعه ولا ديني" كما تفضل معالي وزير
العدل، واخترت منشوراً في الكتاب يكشف عن حقيقة الوعي المأزوم بالمرأة، ويسلم بسد
أبواب الحياة والحقوق كافة بوجهها، لخدمة توجه ذكوري لا يخجل؛ يقضي بمنع المرأة من
الحلال حتى لا يقع الرجل في الحرام، المنشور صدر عن دار القاسم ووزع في مختلف
مناطق المملكة بعنوان" بيان لمفاسد قيادة المرأة للسيارة" جاء فيه:
"ومن مفاسدها أن المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت من أي غرض
تريده لأنها "وحدها" في سيارتها.. متى شاءت في أي ساعة من ليل أو نهار،
وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل حيث شاءت يميناً وشمالاً في عرض البلد وطوله
وربما خارجه أيضاً.. وإذا كان الناس يعانون من هذا في بعض الشباب فما بالك
بالشابات"؟؟!
الإنسان هو بالأساس الرجل في التصور المركزي
الذكوري السائد للكون، وهو حارس المرأة لأنها كما جاء في كتبهم المدرسية "إذا
تركت وحدها فسدت وأفسدت" فتصورها وحدها في السيارة ينازعه الراحة ويسلمه
للوهم الساكن في ثقافة تزدريها كونها أحبولة الشيطان وجالبة الشر.. لاحظ تكرار
"شاءت"، والمشيئة معادل مكافئ للحرية، ومصيبة عظيمة للذهنية التوجسية
تجاه المرأة كون المشيئة/الحرية حقاً ذكورياً خاصاً لا يجوز أن تمارسه المرأة.
"ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة: أنها سبب
لتمرد المرأة على أهلها وزوجها، فلأدنى سبب يثيرها في البيت تخرج منه في سيارتها
إلى حيث ترى أنها تروح عن نفسها فيه، كما يحصل ذلك من بعض الشباب وهو أقوى تحملاً
من المرأة"..
هذه النظرة" التمرد" مقبولة من الشاب،
فلا تمنع الحق عنه، بل عنها فقط خشية التمرد..الحقوق العنصرية دأب التقهقر
الإنساني، ما جعل المرأة "زوجة وشابة" لا تستطيع نيل حق شاب وإن
متهوراً؟!
"ومن مفاسدها: أنها سبب للفتنة في مواقف
عديدة، في الوقوف عند إشارات الطريق.. عند محطات البنزين.. عند نقطة التفتيش..
أمام رجال المرور عند التحقيق في مخالفة أو حادث، في الوقوف لملء إطار السيارة
بالهواء، عند حدوث خلل في السيارة على الطريق فتحتاج المرأة إلى إسعافها، فماذا
تكون حالتها حينئذٍ ؟ ربما تصادف رجلاً سافلاً يساومها على عرضها في تخليصها من
محنتها، لا سيما إذا عظمت حاجتها حتى بلغت حد الضرورة"
هنا تتضح الهشاشة المفرطة في إيمان المؤمنين
الرجال، فيخشى عليه فقدان توازنه وكأنه وحش جنسي غير قادر على التحكم في نوازعه،
فلا يرى المرأة سوى فتنة نارية.. الذريعة تسد باب الحقوق أمام امرأة محترمة،
وتفتحها أمام رجل سافل ليهنأ بسفالته!!
"ومن مفاسد قيادة المرأة للسيارة: كثرة
ازدحام الشوارع أو حرمان بعض الشباب من قيادة السيارات وهو أحق بذلك من المرأة
وأجدر، ومن مفاسدها: كثرة الحوادث لأن المرأة بمقتضى طبيعتها أقل من الرجل حزماً،
وأقصر نظراً، وأعجز قدرة".. مجرد هوس أحمق يتداعى ببغيه فيغني عن التعليق،
فيكفي أن مجرد ذكر أجنبي معها في السيارة يفرض هيبة للجو الملطخ بلا إنسانية،
فيبعث في نفوس مهووسة بالشكوك قسطاً من الراحة.
ويختم هذر المنشور بخوفه على المجتمع السعودي
المعروف بدينه وأخلاقه، واستغرابه أن يستمرئ قيادة المرأة للسيارة أو يستسيغها،
وأن أعداء الإسلام يريدون القضاء على آخر معقل للإسلام، ثم نسب القيادة إلى التحلل
من قيود الفضيلة إلى قيود الرذيلة..!!
يقول الدكتور زكي بدوي عميد الكلية الإسلامية
ورئيس الأئمة والمساجد في لندن: "أنا أعتقد أنهم يلجأون للشرع بحثاً عن
الذرائع، كأن يقولوا إنه إذا سمح للمرأة بقيادة السيارة قد تذهب إلى الرجل، فكان
جوابنا على هذا بأن لابد إذاً من منع الرجال أيضاً من قيادة السيارة حتى لا يذهبوا
إلى النساء"
لقراء الأنسنة معايير تصافح المساواة في إقرار
الحقوق، وتداعياتها لا يفقهها مهرّجو المنع العنصري.
وإزاء التماهي النرجسي الذكوري تتغيا الثقافة
السائدة التسلط من حيث هو خوف من الحرية، والأنانية لأجل نفي شمولية الحق،
والرداءة الوعظية للتسليم بهدر مزيد من الحقوق، مصنع ثقافي يوالي إنتاج الخوف من
المرأة باعتبارها فتنة تفرق بين المؤمن وربه، فيحول الظلم واللامساواة إلى مبادئ
وثوابت ومسلّمات!
لا يكمن العائق الذي يحول دون تحسين وضعية
المرأة في هذه التركيبة بحد ذاتها فقط، بل في عدم فتح إمكانات التخلص منها حتى
تحولت إلى هذيان جماعي منتشر وقوة فاعلة؛ قوة منع وشطب وتوسيع لرقعة المنع والشطب
ومقاومة للمقاومة..، فأي مقدار من التمويه أدار وجوهنا عن الحقوق الإنسانية ؟!
للعاقل أن يتفكر ويتدبر ويختار ليستطيع أن
يتغير..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق